للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام المعروف بصدر حميد: في الجامع الكبير: ولو أن رجلًا أوصى بثلث ماله لمواليه وليس له موال أعتقهم ولا أولادهم ولا موالي الموالي لكن له موالي أبيه وموالي ابنه فلا شيء لهم من الوصية؛ لأن هذا الاسم لا يطلق عليه لا حقيقة ولا مجازًا؛ لأن الحقيقة هو أن يباشر إعتاق المملوك فيصير به مولى له؛ والمجاز أن يسبب لذلك بإعتاق مملوك ثم يعتق ذلك المعتق مملوكًا ولم يوجد في حق موالي الأب وموالي الابن فعل (١) الإعتاق ولا سببه.

فقلنا (٢): إنهم لا يدخلون في هذه الإضافة، ووارث الإنسان من موالي أبيه وموالي ابنه ما كان لأنه مولى له ولكن الشرع أقام عصبة المعتق مقام المعتق في حق الميراث لا لأن الولاء انتقل إليه (٣)، وهذا لأن الولاء بمنزلة النسب لا يورث نص عليه صاحب الشرع فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورَث» (٤).

ألا ترى أن الرجل قد يكون من قبيلة [وأبوه من قبيلة] (٥) أخرى بأن كان الرجل وابنه عبدين فاشترى الأبَ رجل تميمي والابنَ رجل أسدي فأعتق الأسدي الابنَ والتميمي الأبَ ثم إن الابن (٦) اشترى عبدًا وأعتقه ثم مات الابن ثم مات معتق الابن ولم يترك عصبة فإن ميراثه يكون للأب بحكم أنه قام مقام ابنه (٧) في التعصيب، لا لأن الولاء انتقل إليه بموت الابن (٨) لأنه لو انتقل ولاؤه إلى الأب [بعد موت الابن] (٩) كان ولاؤه لبني تميم، فإن ولاء الأب لبني تميم؛ ولم يصر الولاء لبني تميم بالاتفاق حتى إن مولى الابن لو جنى لا يكون عقله على بني تميم بل يكون على بني أسدٍ، ولو انتقل ولاؤه لكان على بني تميم لأن ولاء الأب لهم؛ ثبت بهذا أن الولاء لم ينتقل إلى الأب، والأب إنما يرث لأنه قام مقام الابن في الميراث.


(١) في (ج): قبل؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (ب): فعلمنا؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(٣) في (ب) و (ج): لأن الولاء انتقل إليه؛ وما أثبت من (أ) هو الصواب. وبه يستقيم المعنى لسياق ما بعده.
(٤) أخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) كتاب الولاء باب من أعتق مملوكا له، (١٠/ ٤٩٤ رقم الحديث: ٢١٤٣٣)، والحاكم في (المستدرك) كتاب الفرائض (٤/ ٣٩٧ رقم الحديث: ٧٩٩٠)، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". قال الألباني في (إرواء الغليل) (٦/ ١٠٩): صحيح.
(٥) ساقطة من (ج)؛ وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) في (ب): الأب؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب. وبه يستقيم المعنى لسياق ما بعده.
(٧) في (ب): يكون للأب لأنه قام مقامه؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (ج): لأن الولاء انتقل إليه؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب. وبه يستقيم المعنى لسياق ما بعده.
(٩) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.