للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: والفرق أي بين الثمرة والغلة يعني أن الوصية بالثمرة إنما تتناول الثمرة المعدومة إذا كانت الدلالة الزائدة مقرونة بها كذكر الأبد.

وأما الوصية بِالْغَلَّة فتتناول الغلة المعدومة وإن لم يكن ذكر الأبد مقرونًا بها.

وذكر في المبسوط (١) وإنما كان هكذا لأن اسم الغلة حقيقة للموجود والحادث جميعًا؛ وأما اسم الثمرة فللموجود حقيقة ولا يتناول الحادث إلا مجازًا، فإذا أوصى له بثمرة بستانه ولم يقل: أبدًا فإن كان في البستان (٢) ثمرة حين يموت الموصي فإنه يستحق الموصى له تلك الثمرة ولا حق له فيما يحدث بعدُ؛ لأن اللفظ إذا صار مستعملًا في حقيقة ينتفي المجاز عنه.

وإذا لم يكن في البستان ثمرة عند موت الموصي فلم يستعمل اللفظ في حقيقته فيجب استعماله في المجاز ويكون له ما يحدث من الثمار ما عاش بمنزلة الغلة.

وفرق آخر بين الغلة والثمرة فهو أن الموصى له بالغلة إذا مات بطلت وصيته بخلاف الثمرة إذا ظهرت وصارت لها قيمة ثم مات الموصى له بالثمرة أنها تصير لورثة الموصى له؛ لأنه عين مال كذا ذكره الإمام التمرتاشي (٣).

وذكر في المبسوط وفي الوصية بالثمرة إذا استحق الحادث ثم مات الموصى له فإن مات قبل أن تحدث الثمرة بطلت وصيته لأن الثابت له حق الاستحقاق وذلك لا يورث عنه؛ وإن كان موته بعدما أثمر البستان فتلك الثمرة لورثته لأن ذلك العين صار مملوكًا له فيخلفه (٤) وارثه فيه.

ألا ترى أنه لو كان باعه في حياته وأخذ ثمنه جاز بيعه وكان الثمن لورثته بعد موته، ثم في البستان السقي والخراج وما فيه صلاحه على صاحب الغلة لأنه هو المنتفع بالبستان فصار هو كالنفقة في فصل (٥) الخدمة.

وهذا بخلاف ما تقدم أي الوصية بصوف الغنم ونحوه على خلاف الوصية بثمرة البستان والوصية بالغلة فإن الوصية فيهما عند ذكر التأبيد تتناول الموجود والحادث؛ والوصية بصوف الغنم (٦) ونحوه لا تتناول الحادث وإن ذكر التأبيد؛ والفرق وهو أن القياس في الثمرة والغلة أن لا يستحق إلا الموجود (٧) عند موته كما في الأولاد؛ لأنه إنما يُمَلِّكه بالوصية ما هو مملوك للموصي والعين الحادث بعد موته لا يكون مملوكًا فلا يستحقه الموصى له ولكنه استحسن فقال: الثمار التي تحدث يجوز أن تستحق بإيجابه بعقد من العقود كالمعاملة على قول من يجيزها.


(١) ينظر: المبسوط (٢٨/ ٢).
(٢) في (ج): الموصى به؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٣) ينظر: حاشية الشلبي (٦/ ٢٠٤).
(٤) في (أ): فيجعله؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ب): فضل؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) في (ب): والوصية بالغلة والوصية بصوف الغنم؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) في (أ) و (ب): ألا يستحق الموجود؛ وما أثبت من (ج) هو الصواب.