للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أن الوكيل يتصرف عن ولاية مستفادة من قبل الموكل مع قيام ولاية الموكل فصح القبول والرد في حال حياة الموصي وقيام ولايته؛ وأما الوصية له فاستخلاف في نفس الملك والحكم ثبت بعد الموت؛ فإن ثبوت الملك للموصى له مع قيام الملك للموصي لا يتصوَّر؛ فيعتبر القبول والرد حال ثبوت الملك له وهو ما بعد الموت؛ ولأن المقصود في جعله وصيًّا توفير المنفعة على الموصي ودفع الضرر عنه؛ وبعد ما قبل الوصي (١) لو جاز له الرد بعد الموت تضرر به الموصي لأنه ترك النظر والإيصاء إلى الغير اعتمادًا على قبوله؛ ثم لو صح رَدُّه في غير وجهه يصير الوصي بالقبول كالغارِّ له، والغرور حرام والضرر مدفوع.

بخلاف الوصية بالمال فإن هناك وإن قبله في حياته فله أن يردَّه بعد موته؛ لأن المقصود هناك توفير المنفعة على الموصى له وليس في رده معنى الضرر [والغرور] (٢) في حق الموصي (٣)؛ لأنه إذا رده لا يضيع المال بل يصير إلى وارثه وذلك خير للموصي شرعًا، وهذه الفروق الثلاثة مستفادة من «الذخيرة» (٤) و «الإيضاح» (٥) و «المبسوط» (٦) على هذا الترتيب.

قوله: بخلاف الوكيل بشراء عبد بغير عينه أو ببيع ماله حيث يصح رده في غير وجهه؛ هذا الذي ذكره مخالف لعامة روايات الكتب من «الذخيرة» (٧) و «التتمة» (٨) (٩) و «أدب القاضي» (١٠) للصدر الشهيد و «الجامع الصغير» للإمام المحبوبي (١١) و «فتاوى قاضي خان» (١٢)؛ لأنه ذكر في هذه الكتب أن الوكيل إذا عزل نفسه عن الوكالة حال غيبة الموكِّل لا يصح حتى لو عزل نفسه من [غير] (١٣) علم الموكل لا يخرج عن الوكالة. وموضعه في «الذخيرة» الفصل الثاني من وكالتها، والفصل العاشر من وكالة التتمة، والباب السابع والستون من أدب القاضي وباب بيع الأوصياء من وصايا (١٤) «الجامع الصغير» (١٥) وفصل التوكيل بالخصومة من فتاوى قاضي خان.


(١) في (ج): الموصي؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ج): الوصي؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) سبق ص ١١١. والذَّخِيرَة مُخْتَصَر المحُيط البُرْهاني فِي الْفِقْه النُّعْماني، لبرهان الدِّين مُحَمَّد بن تَاج الدِّين أَحْمَد بن برهان الدِّين عَبْد الْعَزِيز ابن عُمَر مَازَة، (ت ٦١٦ هـ‍ (، وهو مخطوط في مركز المخطوطات والوثائق فِي المكتبة الأزهرية بالقاهرة برقم (٢٠٨٥٦)، وهناك نسخة أخرى منه فِي الْجَامِعة الأردنية برقم ٣٨٦٧.
(٥) سبق ص ١٠٦ ..
(٦) ينظر: «المبسوط» (٢٨/ ٢٣).
(٧) ينظر: «العناية» (١٠/ ٤٩٧، ٤٩٨)، «البناية» (١٣/ ٥٠٠).
(٨) تتمة الفتاوى للإمام برهان الدين محمود (محمد) بن أحمد بن عبدالعزيز الحنفي؛ ت (٦١٦). ينظر: كشف الظنون (١/ ٣٤٣)، الجواهر المضيئة (٢/ ١٥).
(٩) ينظر: «العناية» (١٠/ ٤٩٧، ٤٩٨)، «البناية» (١٣/ ٥٠٠).
(١٠) أدب القاضي على مذهب أبي حنيفة؛ لجماعة وهم: الإمام أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي المجتهد الحنفي، المتوفى: سنة اثنتين وثمانين ومائة، وهو: أول من صنف فيه إملاء. والقاضي أبي حازم عبد الحميد بن عبد العزيز الحنفي، المتوفى: سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وأبي جعفر أحمد بن إسحاق الأنباري، المتوفى: سنة ٣١٧، ولم يكمله. والإمام أبي بكر أحمد بن عمرو الخصاف، المتوفى: سنة إحدى وستين ومائتين، رُتِّبَ على: مائة وعشرين بابا.
وهو: كتاب جامع غاية ما في الباب، ونهاية مآرب الطلاب، ولذلك تلقوه بالقبول، وشرحه فحول أئمة الفروع والأصول. ينظر: كشف الظنون (١/ ١).
(١١) ينظر: «العناية» (١٠/ ٤٩٧، ٤٩٨)، «البناية» (١٣/ ٥٠٠).
(١٢) ينظر: «العناية» (١٠/ ٤٩٧، ٤٩٨)، «البناية» (١٣/ ٥٠٠).
(١٣) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١٤) في (أ): قضايا؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(١٥) في (ب): الجامع الكبير؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.