للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن ذكر في فتاوى قاضي خان في الوكيل بشراء شيء بعينه فقال والوكيل بشراء شيء بعينه إذا أخرج نفسه عن الوكالة لا يملك إلا بمحضر من الموكل.

ثم العجب من الإمام قاضي خان: أنه ذكر في الجامع الصغير مع هذا ما يوافق رواية الهداية فقال بين هذا أي بين الوصي وبين ما لو وكل رجلًا بشيء فرد الوكيل يصح رده سواء رده في وجه الموكل (١) أو في غير وجهه لأن في الوكالة الموكل قادر على التصرف بنفسه فلو صح الرد لا يتضرر به الموكل ولا يصير مغرورًا والله أعلم بصحته.

فإن لم يقبل ولم يرد حتى مات الموصي (٢) فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء رد ولم يقبل لأن الإيصاء توكيل بعد الوفاة فيعتبر بالتوكيل حالة الحياة؛ ومن وكل وكيلًا حال حياته ما لم يوجد من الوكيل قبول إمَّا دلالة أو نصًّا كان بالخيار إن شاء رد وإن شاء قبل فكذلك هذا.

فإن قيل كان يجب أن لا يكون له الخيار لأنه لما بَلغه الإيصاءُ ولم يَردَّه حال حياة الموصي بترك الميت الإيصاء إلى غيره اعتمادًا على أنه يقبله فإذا رد بعد وفاته يصير الميّت مغرورًا من جهته.

والجواب عنه أن الميت مغتر ههنا وليس بمغرور لأنه كان من حقه أن يسأل عنه أنه يقبله أو لا يقبل فإذا لم يفعل ذلك وبنى الأمر على أنه يقبله بعد موته ولم يوص إلى غيره حصل مغترًا من جهة نفسه لا مغرورًا (٣) من جهة الوصي.

بخلاف ما إذا قيل لأنه لما قبل في حياته بترك الميت (٤) الإيصاء إلى غيره اعتمادًا على قبوله فلو ملك الرد بعد وفاته يصير الميت مغرورًا من جهته والغرور منفي كذا في الذخيرة (٥).

فلو أنه باع شيئًا من تركته فقد لزمته؛ لأن ذلك دلالة الالتزام والقبول ودليل القبول كصريح القبول (٦) فكذلك إذا باع بعض تركة الميت أو اشترى للميت بعض ما يحتاجون إليه أو اقتضى مالًا أو اقتضاه لزمته الوصية لوجود دليل القبول والرضا كالمشروط له الخيار إذا وجد منه ما يدل على الإجازة والفسخ كان ذلك بمنزلة التصريح بذلك والأصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - لبريرة ك (إن وطئك زوجك فلا خيار لك) (٧)


(١) في (ج): الوكيل؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) في (أ): الوصي؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ج): مغترًا؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٤) في (ب): ترك الميت؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب منه.
(٥) ينظر: المبسوط (٢٨/ ٢٣).
(٦) في (ب): والمقبول كصريح القبول؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) زيادة (إن وطئك زوجك فلا خيار لك) عند أبى داود (٢٢٣٦) من طريق محمد بن إسحاق عن أبى جعفر، وعن أبان بن صالح عن مجاهد، وعن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: «أن بريرة أعتقت وهى عند مغيث - عبد لآل أبى أحمد فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال لها: " … " فذكرها.
والدارقطني ٣/ ٢٩٤؛ قال ابن الملقن في البدر المنير ٧/ ٦٤٦: في إسناده عنعنة ابن إسحاق.
وتابعه يزيد بن رومان عن عروة به مختصرا جدا بلفظ: " كان زوج بريرة عبدا ". أخرجه مسلم (٤/ ٢١٥) والنسائى وابن الجارود (٧٤٢) والبيهقى (٧/ ٢٢١).
وتابعه الزهرى عن عروة به بلفظ: " كانت بريرة عند عبد فعتقت، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها بيدها "أخرجه البيهقى من طريق محمد بن إسحاق: حدثنى محمد بن مسلم الزهرى به.