للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرجع الموصى له بثلث ما بقي لما بينا أراد به قوله لأن الموصى له شريك الوارث، وإن كان أوصى الميت بِحَجَّة فقاسم الورثة أي قاسم الوصي الورثة.

فهلك ما في يده أي ما في يد الحاج فالوصي والحاج مدلول عليهما غير مذكور بهما حج عن الميت من ثلث ما بقي وهو الذي أفرزه الوصي للورثة.

صورته ما ذكره الإمام قاضي خان: في مناسك الجامع الصغير فقال مثاله إذا مات الرجل وترك أربعة آلاف درهم وأوصى بأن يحج عنه وكان مقدار الحج ألف درهم فأخذ الوصي ألفًا ودفعها إلى الذي يحج عنه فسرقت في الطريق في قول أبي حنيفة: يؤخذ ثلث ما بقي من التركة وهو ألف درهم؛ فإن سرقت ثانيًا يؤخذ ثلث ما بقي مرة أخرى هكذا.

وعند أبي يوسف: يؤخذ ما بقي من ثلث جميع المال وذلك ثلاثمائة وثلاثون وثلاث (١) [وثلث] (٢) فإن سرقت ثانيًا لا يؤخذ مرة أخرى.

وفي قول محمد: إذا سرقت الألف الأولى بطلت الوصية ولا يؤخذ منه مرة أخرى سواء بقي من الثلث الأول شيء أو لم يبق شيء.

[ولأبي يوسف: أن محل الوصية الثلث فيجب تنفيذها ما بقي محلها وإن لم يبق شيء] (٣) بطلت لأنه لو لم يبطل مع هذا أدى ذلك إلى إفناء المال على الورثة.

ولأبي حنيفة: أن ما هلك هلك قبل تنفيذ الوصية وحق الوارث ما يبقى بعد تنفيذ الوصية فما هلك يجعل كأن لم يكن.

ألا ترى أنه لو أوصى بثلث ماله لرجل فبعثوا به إلى الموصى له فهلك في الطريق أو سرقت قبل أن يصل إليه يعطى له ثلث ما بقي ويجعل الأول كأن لم يكن، وما قال فإن فيه إفناء (٤) المال على الورثة فجوابه ما قلنا أن حق الوارث ما يبقى بعد تنفيذ الوصية،

ومن أوصى بثلث بألف درهم فدفعها أي فدفع الألف الورثةُ إلى القاضي فقسمها والموصى له غائب.

فَقِسْمَتُهُ أي: فقسمة القاضي جائزة بخلاف قسمة الوصي مع الورثة حال غيبة الموصى له فإنها باطلة على ما مر، وفائدة الجواز هي ما ذكرنا أن ما في يد القاضي لو هلك ثم حضر الغائب (٥) لا يرجع على الورثة بشيء، ثم الفرق بين القاضي والوصي هو أن للقاضي ولاية على الغائب فيما ينفعه (٦) ولهذا يملك بيع ما يخشى عليه [التوى (٧) (٨) والتلف فكانت قسمة القاضي كقسمة الموصى له لما أن القاضي نصب ناظرًا للمسلمين ولمن يعجز عن تنفيذ أمره في قسمته (٩)؛ ذلك بخلاف الوصي لأنه لا ولاية له على الموصى له ولهذا لا يملك بيع شيء من ماله فلا تنفذ قسمته عليه إلى هذا أشار الإمام قاضي خان: (١٠).


(١) في (أ) و (ج): ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون؛ وما أثبت من (ب) هو الأفصح.
(٢) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) في (أ): إحياء؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) في (ج): الموصى له؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٦) في (ب): ينفقه؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) في (ج): طمس لكلمة (التوى) وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٨) التوى: هلاك المال. ينظر: مختار الصحاح (ص/ ٤٧)، معجم لغة الفقهاء (ص/ ١٤٩).
(٩) في (أ): وفي قسمته؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(١٠) حاشية الشلبي (٦/ ٢١٠).