للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الاستحسان (١) تجوز الشهادة في صورة الدعوى ولا تجوز في صورة الإنكار ولكن إذا أنكر المشهود له الوصاية قال في المبسوط أدخلت معهما آخر؛ لأن في ضمن شهادتهما إقرارًا منهما بوصي آخر معهما للميت وإقرارهما حجة عليهما فلا يتمكنان من التصرف بعد ذلك بمنزلة ما لو مات أحد الأوصياء الثلاثة؛ وكذا لو صدقهما وقال لا أقبل الوصية كان له ذلك لأنه لم يسبق منه القبول ولكن يتعذر على الوصيين التصرف بدون رأي الثالث فيُدخل القاضي معهما وَصيًا ثالثًا؛ وجه الاستحسان أن للقاضي ولاية نصب الوصي ابتداءً إلى آخره (٢).

فإن قيل إذا كان للميت وصيان فالقاضي لا يحتاج إلى أن ينصب عن الميت وصيًّا آخر؛ فإن لم يكن له ذلك من غير شهادة فكذلك عند أداء الشهادة إذا تمكنت التهمة فيه.

قلنا: القاضي وإن كان لا يحتاج إلى نصب الوصي لكن الموصَى إليهما متى شهدا بذلك كان من زعمهما أنه لا تدبير لنا في هذا المال إلا بالثالث؛ فأشبه من هذا الوجه ما لم يكن ثمة وصي وهناك تقبل الشهادة فكذلك ههنا كذا ذكره الإمام المحبوبي: في باب القضاء بالشهادة من قضاء الجامع الصغير (٣).

فإن قلت ما الفرق بين هذا أعني قبول الشهادة على وجه الاستحسان في أن الرجلين إذا شهدا أن أباهما أوصى إلى هذا (٤) وبينما لو شهدا أن أباهما وكل هذا الرجل (٥) بقبض ديونه بالكوفة لا تقبل سواء يدَّعِي الوكيل ذلك أو يجحد.

قلتُ إنما قبلت شهادتهما في الوصايا لخلوها عن التهمة فإنهما لو سألا القاضي أن يجعل هذا الرّجل وصيًّا وهو راغب فيها (٦) أجابهما إلى ذلك؛ بخلاف الوكالة فإنهما لو سألا القاضي أن يوكل هذا الرجل عن أبيهما لم يفعل لأنه ليس للقاضي (٧) ولايةً في مال أبيهما كذا في المبسوط (٨).


(١) ينظر: المبسوط (٢٨/ ٨٠).
(٢) وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ نَصْبِ الْوَصِيِّ ابْتِدَاءً أَوْ ضَمَّ آخَرَ إلَيْهِمَا بِرِضَاهُ بِدُونِ شَهَادَتِهِمَا فَيَسْقُطُ بِشَهَادَتِهِمَا مُؤْنَةُ التَّعْيِينِ عَنْهُ.
(٣) ينظر: العناية (١٠/ ٥١٢).
(٤) في (ج): هذين؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) في (ب): وكل الرجلين؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٦) في (ب) و (ج): فيه؛ وما أثبت من (أ) هو الصواب.
(٧) في (ب): لأن للقاضي؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٨) ينظر: المبسوط (٢٨/ ٨١).