للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله وعن أبي يوسف: مثل قول محمد: أي تجوز شهادة كل فريق من الشاهدين في حق الآخر في حق الدين ولا تجوز في حق الوصية بألف درهم؛ وإنما خص قول محمد: ههنا مع أنه ذكر قبل هذا في هذا الحكم قول أبي حنيفة ومحمد: ليقرر قول محمد: في ذلك واضطراب قول أبي … حنيفة: فيه.

وذكر الإمام المحبوبي: بعد ذكر هذه الروايات بقوله وصار عن أبي حنيفة: روايتان وعن أبي يوسف: كذلك وعن محمد: رواية واحدة.

وجنس هذه المسائل على أربعة أوجه في الوجه الأول تقبل الشهادة بالإجماع وهو أن يشهد الرجلان بوصية عين لرجلين كالعبد وشهد الموصى لهما لهذين الشاهدين بوصية عين أخرى كالجارية لأنه لا شركة للشهود فيه فلا تتمكن التهمة.

وفي الوجه الثاني لا تقبل بالإجماع وهو أن يشهد الرجلان بالوصية بجزء شائع كالوصية بثلث ماله وشهد المشهود (١) لهما للشاهدين بمثل ذلك لأنهما أوجبا شركةً لأنفسهما فيما شهدا به (٢) للآخرين؛ وكذا لو شهد الرجلان لاثنين بالوصية بألف مرسلة وشهد المشهود لهما للشاهدين بألف مرسلة أيضًا.

وفي الوجه الثالث لا تقبل أيضًا وهو أن يشهد الرجلان أن الميت أوصى لهذين الرجلين بعين [كالعبد] (٣) وشهد المشهود لهما أن الميت أوصى للشاهدين الأوَّلين بثلث ماله لأن الشهادة مُثْبِتَة (٤) للشركة.

وفي الوجه الرابع اختلفوا فيه وهو الشهادة بالدين وهو الذي نحن فيه؛ وجه القبول أن الدين يجب في الذمة والذمة قابلة لحقوق شتى ولا شركة؛ وعدم القبول باعتبار تهمة الشركة وهذا لأن كل فريق إنما يشهد للفريق الآخر بالدين في ذمّة الميّت ولو شهدا بذلك في حياته كانت الشهادة مقبولة فكذا إذا شهدا بعد موته؛ وهذا لأن الدين بالموت لا يتحول من الذمة إلى التركة.

ألا ترى أن التركة لو هلكت لا يسقط شيء من الدين وأن للوارث أن يستخلص التركة لنفسه بقضاء الدين (٥) من محل آخر فلا تتمكن الشركة بينهم هنا بخلاف الوصية بالثلث فإن حق الموصى له يثبت في عين التركة حتى لايبقى بعد هلاك التركة؛ ولو أراد الوارث أن يستخلص التركة لنفسه ويقضي حق الموصى له من محل آخر لم يكن ذلك؛ ولهذا لو قبض أحد الفريقين شيئًا كان للآخر حق المشاركة فكان كل فريق مثبتًا لنفسه حق المشاركة فيما شهد فكانت الشركة بينهم ثابتة في التركة فلا تصح شهادتهما فيما تثبت فيه الشركة لهما ولا كذلك الدين.


(١) في (أ): الشهود؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٢) في (ب): أنه؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) في (ج): مشبهة؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٥) في (ج): القاضي؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.