للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله لأن حِلَّ الغسل غير ثابت بين الرجال والنساء أي غسل الرجل المرأة وغسل المرأة الرجل غير ثابت بينهما؛ وذلك لأن النظر إلى العورة حرام وبالموت لا تنكشف هذه الحرمة؛ إلا إن نظر الجنس إلى الجنس أخف فلأجل الضرورة أبيح النظر للجنس عند الغسل والمراهق كالبالغ في وجوب ستر عورته؛ فإذا كان مشكلًا لا يوجد له جنس أو لا يعرف جنسه أنه من جنس الرجال أو من جنس النساء فتعذر غسله لانعدام مَن يغسله فصار بمنزلة من تعذَّر غسله لانعدام ما يغسل به فَيُيَمَّم بالصعيد؛ وهو نظير امرأة تموت بين رجال ليس معهم امرأة فإنها تُيَمَّم بالصعيد ثم إن كان المُيَمِّم أجنبيًا يُيَمِّمُها مع الخرقة؛ وإن كان ذا رحم [محرم] (١) منها ييممها بغير الخرقة؛ وكذلك إذا مات الرجل بين نساء ليس معهن رجل فإن النساء تيممه بالصعيد من غير خرقة إن كن ذات رحم محرم منه وبخرقة إن كن أجانب منه؛ فهذا مثلهما فإن كان من تيممه من النساء تيممه من غير خرقة؛ وكذلك إن كان رجلًا ذا رحم محرم منه وإن كان أجنبيًا عنه ييممه بخرقة؛ ولا بأس بأن ينظر إلى وجهه ويعرض وجهه عن ذراعيه لجواز أن يكون امرأة وفي هذا أخذنا الاحتياط فيما نبني أمره على الاحتياط وهو المس والنظر إلى المرأة.

فإن قلت ما الفرق بين الغسل والختان حيث يشتري له في حق الختان جارية ختانة لتختنه بماله إن كان له مال؛ وإن لم يكن له مال يشتري بمال بيت المال على ما مَرَّ ولا يشتري له جارية غسَّالة في حق الغسل مع أن كلًا منهما سنة مؤكدة أو واجب.

قلتُ الفرق بينهما هو أن شراء الجارية للخنثى بعد موته لتغسله لا يفيد إباحة الغسل لأنه لا يملكها الخنثى؛ لأنه لو كان للخنثى جارية مملوكة فمات الخنثى كانت تزول (٢) عن ملكه فلا يبقى على ملكه لحاجة الغسل؛ وإذا لم يجز القول ببقاء الملك لحاجة الغسل لأن لا يملك (٣) ابتداء بعد الموت لحاجة الغسل أولى لأن البقاء أسهل من الابتداء؛ فإذا كان كذلك لم يجز الاشتغال بالشراء لأنه اشتغال بما لا يفيد فأما ما دام حيًا فهو من أهل أن يملك لأنه رجل أو امرأة على ما ذكرنا فيفيد شراء الجارية للختان فجاز الاشتغال به.

وإن سجِّي قبره فهو أحبُّ إلي لأن فيه نوعَ احتياطٍ فلعله امرأة ومبنى حالها على الستر؛ ولا بأس بأن يسجى قبر الرجل عند العذر كالحر والبرد والمطر؛ واشتباه حاله في العذر أبلغ من ذلك كذا في المبسوط (٤) والذخيرة (٥).


(١) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) في (أ): الأول؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٣) في (ب): لأن يملك؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٤) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١٠٥).
(٥) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١٠٥).