للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (لِمَا أَنَّهُ ثَبَتَ وُجُوبُهَا بِالسُّنَّةِ) (١).

فَكَانَ فِيهِ إِطْلَاقُ اسْمِ السَّبَبِ؛ وَهُوَ السَّنَّةُ عَلَى الْمُسَبِّبِ وَهُوَ الْوَاجِبُ

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَإِذَا شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ).

أَيْ: وَإِذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ؛ لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ التَّحْرِيمَةِ، لَيْسَتْ بَعْدَ الشُّرُوعِ، بَلِ الشُّرُوعُ يَتَحَقَّقُ بِهَا وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (٢) وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا الْإِدْرَاجِ، مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ -رحمه الله- بِالتَّصْرِيحِ فِي أَوَّلِ " الْمَبْسُوطِ " بِقَوْلِهِ: (وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ) (٣).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (حَتَّى أَنَّ مَنْ تَحَرَّمَ لِلْفَرْضِ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ بِهَا التَّطَوُّعَ) (٤).

فَإِنَّ التَّكْبِيرَ لِلافْتِتَاحِ؛ لَمَا صَارَ شَرْطاً عِنْدَنَا، جَازَ أَدَاءُ النَّفْلِ بِتَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ، كَمَا لَوْ (تَطَهَّرَ) (٥) لِلْفَرْضِ فَأَدَّى بِهَا التَّطَوُّعَ؛ جَازَ كَذَا هَذَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَتَأَدَّى النَّفْلُ بِتَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ لِأَنَّهَا رُكْنٌ عِنْدَهُ (٦)، فَإِنْ قُلْتَ: تَعْيِينُ الْمَسْأَلَةِ فِي بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بِنَاءِ الْفَرْضِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ، أَوِ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ، أَوِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ فِي الْكِتَابِ، وَعَامَّةُ النُّسَخِ مِنْ "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ"، وَ"فتاوى قاضي خان" (٧)، وَ"الْإِيضَاحِ"، وَ"التُّحْفَةِ" (٨)، وَ" الْمُحِيطِ " (٩) يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، وَكَوْنِهَا شَرْطًا يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ فَمَا وَجْهُهُ؟


(١) انظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٨).
(٢) سورة النحل: (٩٨).
(٣) "المبسوط" لمحمد بن الحسن (١/ ٣).
(٤) "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٨).
(٥) في (ب): (كبر).
(٦) ينظر: "كتاب الأم للشافعي" (١/ ١٠٠) و (١/ ١٦٤)، و"الحاوي الكبير، للماوردي" (٢/ ٩٥)، و"البيان والتحصيل" لابن رشد (٢/ ٢٥٩).
(٧) ينظر: "فتاوى قاضي خان" (ص ٩٤).
(٨) "تحفة الفقهاء" للسمرقندي " (١/ ٩٥ - ٩٦).
(٩) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٩١).