للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «اسْكُنوا فِي الصَّلَاةِ» إِلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ فِي تَكْبِيرَةِ الافْتِتَاحِ، وَالْأَعْيَادِ وَالْقُنُوتِ؛ لِاتِّفَاقِ الْأَخْبَارِ، وَالْإِجْمَاعُ وَمَا ثَبَتَ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، إِلَّا إِذَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَيْسَ [بِشَيْءٍ] (١) مَا ذَكَرَهُ فِي مَعْنَى تَكْبِيرَةِ الافْتِتَاحِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَى؛ وَلِأَنَّهُ مَتَى رَفَعَ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَةِ الانْتِقَالِ؛ صَارَ هَذَا الذِّكْرُ مَقْرُوناً بِفِعْلَيْنِ بِالانْتِقَالِ وَبِالرَّفْعِ وَمَوْضُوعُ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْرَنُ (٢) إِلَى كُلِّ ذِكْرٍ مَشْرُوعٍ فِي الصَّلَاةِ؛ إِلَّا فِعْلٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْقِيَامُ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ، وَكَذَلِكَ لِتَكْبِيرِ السُّجُودِ لَمْ يُقْرَنْ (٣) إِلَّا فِعْلاً وَاحِداً، وَهُوَ الانْتِقَالُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْقِيَاسُ فِي تَكْبِيرَةِ الافْتِتَاحِ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهَا خُصَّتْ بِاتِّفَاقِ الْأَخْبَارِ فِيهِ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَةِ الْجَنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى رَفَعَ يَدَيْهِ يَصِيرُ (٤) الْمَقْرُونُ بِذِكْرٍ وَاحِدٍ فِعْلَيْنِ الرَّفْعِ، وَالْقِيَامِ كَذَا فِي " الْمَبْسُوطَيْنِ " (٥).

(فَإِنْ قُلْتَ فَقَدْ حَصَرَ رَفْعَ الْيَدِ فِي الْحَدِيثِ، بِالْمَوَاضِعِ السَّبْعَةِ، فَمَا وَجْهُ رَفْعِ الْيَدِ عِنْدَ كُلِّ دُعَاءٍ؟

قُلْتُ يُذْكَرُ جَوَابُ هَذَا فِي بَابِ الْوِتْرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) (٦) كَذَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ؛ فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ -رحمه الله- رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَكَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ فَعَلَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ تَرَكَهُ.


(١) زيادة من (ب).
(٢) في (ب): (يقرب).
(٣) في (ب): (يقرب).
(٤) في (ب): (يعتبر).
(٥) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٤).
(٦) مابين القوسين ساقط من (ب).