للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: عَجَباً (١) مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ أُحَدِّثُهُ (٢) بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنِي عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فَرَجَّحَ حَدِيثَهُ بِعُلُوِّ إِسْنَادِهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَمَّا حَمَّادٌ فَكَانَ أَفْقَهَ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ كَانَ أَفْقَهَ مِنْ سَالِمٍ، وَلَوْلَا سَبْقُ ابْنِ عُمَرَ (٣) لَقُلْتُ بِأَنَّ عَلْقَمَةَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وامَّا عَبْدُ اللَّهِ؛ فَعَبْدُ اللَّهِ فَرَجُحَ حَدِيثُهُ بِفِقْهِ رُوَاتِهِ (٤) وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِفِقْهِ الرُّوَاةِ، لَا بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ.

وَفِي "مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ" بَعْدَ قَوْلِهِ فَعَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ الْأَوْزَاعِيُّ؛ فَالشَّافِعِيُّ (٥) اعْتَمَدَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنه-، وَقَالَ: تَكْبِيرُ الرُّكُوعِ يُؤْتَى بِهِ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ، فَيُسَنُّ (٦) رَفْعُ الْيَدِ عِنْدَهُ كَتَكْبِيرِ الافْتِتَاحِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَحْسُوبٌ عَنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، وَرَفَعُ الْيَدِ مَنْسُوب (٧) فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، فَكَذَا هُنَا (٨).

وَلَنَا أَنَّ الْآثَارَ لَمَّا اخْتَلَفَتْ (٩) فِي فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؛ نَتَحَاكَمُ إِلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إِلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ ثَلَاثَةٌ فِي الصَّلَاةِ وأرْبَعَةٌ فِي الْحَجِّ أَمَّا الثَّلَاثَةُ فَتَكْبِيرَةُ الافْتِتَاحُ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَتَكْبِيرَةُ الْقُنُوتِ وامَّا الْأَرْبَعَةُ فَعِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَعِنْدَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِي الْمَوْقِفَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ وَعِنْدَ الْمَقَامَيْنِ» (١٠) وَالْمُتَنَازَعُ فِيهِ خَارِجٌ عَنِ السَّبْعِ، وَحِينَ رَأَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَقْوَامًا يَرْفَعُونَ أَيْدِيهِمْ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ فَقَالَ: «مَالِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! اسْكُنوا (١١) فِي الصَّلَاةِ» (١٢) وَفِي رِوَايَةِ: «كُفُّوا فِي الصَّلَاةِ» (١٣) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ هَذَا تَكْبِيرٌ يُؤْتَى بِهِ فِي حَالَةِ الانْتِقَالِ، فَلَا يُسَنُّ رَفْعُ الْيَدِ عِنْدَهُ، كَتَكْبِيرِ السُّجُودِ وَفِقْهُهُ (١٤) مَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ رَفْعِ الْيَدِ (١٥) إِعْلَامُ الْأَصَمِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَهَذَا؛ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ (١٦) فِي التَّكْبِيرَاتِ؛ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا فِي حَالَةِ الاسْتِوَاءِ، كَتَكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَتَكْبِيرُ الْقُنُوتِ، وَلَا حَاجَةَ (إِلَيْهِ فِيمَا يُؤْتَى بِهِ فِي حَالَةِ الانْتِقَالِ فَإِنَّ الْأَصَمَّ يَرَاهُ يَنْحَطُّ لِلرُّكُوعِ فَلَا حَاجَةَ) (١٧) إِلَى الاسْتِدْلَالِ بِرَفْعِ الْيَدِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَوْ خَلَّيْنَا وَالْقِيَاسُ لَكِنَّا نَقُولُ لَا يَرْفَعُ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّكْبِيرَاتِ فِي الصَّلَاةِ، أَيِّ تَكْبِيرَةٍ كَانَتْ لِأَنَّهُ مِمَّا (١٨) يُنَافِي السَّكِينَةَ، وَالْوَقَارَ (وَمَبْنَي الصَّلَاةِ عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ) (١٩).


(١) في (ب): (نجحنا).
(٢) في (ب): (أيحدثه).
(٣) في (ب): (عمرو).
(٤) في (ب): (رواية).
(٥) (فَالشَّافِعِيُّ) ساقطة من (ب).
(٦) في (ب): (تبين).
(٧) في (ب): (مسنون).
(٨) في (ب): (هذا).
(٩) في (ب): (إنما اختلف).
(١٠) أخرجه أبو يوسف في "الآثار" (ص ٢١)، كتاب الصلاة، باب افتتاح الصلاة، حديث (١٠٠)، وأخرجه الشافعي في "مسنده" (٢/ ٢٥٠)، كتاب المناسك، باب الدعاء عند رؤية البيت ورفع اليدين، حديث (٩٥٠)، وأخرجه البخاري في" رفع اليدين في الصلاة" (ص ٦٨)، حديث (١٤٣)، وأخرجه بن خزيمة في"صحيحه" (٤/ ٢٠٩)، كتاب المناسك، باب كراهة رفع اليدين عند رؤية البيت، حديث (٢٧٣)، وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١/ ٣٨٥)، حديث (١٢٠٧٢). وقال البخاري -رحمه الله-: (وقال شعبة إن الحكم لم يسمع من مقسم إلا أربعة أحاديث ليس فيها هذا الحديث، وليس هذا من المحفوظ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن أصحاب نافع خالفوا، وحديث الحكم عن مقسم مرسل). وقال الأعظمي عن رواية بن خزيمة: (إسناده ضعيف).
(١١) في (أ): (اسكتوا)، والمثبت من (ب) هو الصواب لموافقتها رواية مسلم وغيرها.
(١٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (ص ١٨٤)، كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهى عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام وإتمام الصفوف الأول والتراص فيها والأمر بالاجتماع، حديث (٤٣٠).
(١٣) لم أجدها.
(١٤) في (ب): (وفوقه).
(١٥) في (ب): (اليدين).
(١٦) (إِلَيْهِ) ساقطة من (ب).
(١٧) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(١٨) (مِمَّا) ساقطة من (ب).
(١٩) مابين القوسين ساقط من (ب).