للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أَنَّهُ يَقْضِيهِمَا (١) أَمَّا السُّورَةُ فَلَمَّا (٢) نَذْكُرُ وامَّا الْفَاتِحَةُ فَلَمَّا قَالَ عِيسَى، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ أَنَّهُ لَا يَقْضِي وَاحِدَةً مِنْهُمَا (٣)، أَمَّا الْفَاتِحَةُ فَلَمَّا نَذْكُرُ، وامَّا السُّورَةُ فَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَمَا كَانَ سُنَّةً فِي وَقْتِهَا كَانَتْ بِدْعَةً فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فَلَا يَقْضِي وَجْهَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ؛ وَاجِبَةٌ فِي الْأُولَيَيْنِ، وَكَذَا السُّورَةُ مَعَهَا حَتَّى لَوْ تَرَكَ أَحَدَهُمَا سَاهِياً كَانَ عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ قَضَاهَا فِي الشَّفْعِ الثَّانِي، أَوْ لَمْ يَقْضِ وَسُجُودُ السَّهْوِ لَا يَجِبُ إِلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ بِتَأْخِيرِهِ.

إِلَّا أَنَّ الشَّفْعَ الثَّانِي مَحَلٌّ لِأَدَاءِ الْفَاتِحَةِ؛ فَإِنْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ فِيهِ مَرَّةً؛ يَكُونُ أَدَاءً، وَلَا يَكُونُ قَضَاءً، وَإِنْ قَرَأَهَا مَرَّتَيْنِ كَانَ بِدْعَةً؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْفَاتِحَةِ فِي قِيَامٍ وَاحِدٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ؛ فَلِأَجْلِ هَذَا لَا يَقْضِي الْفَاتِحَةَ بِخِلَافِ السُّورَةِ؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ الثَّانِي لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِأَدَاءِ السُّورَةِ (٤) فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْقَضَاءِ؛ وَلِأَنَّ الْفَاتِحَةَ وَجَبَتْ فِي الْأُولَيَيْنِ عَلَى وَجْهٍ يَفْتَتِحُ بِهَا الْقِرَاءَةَ، وَيُرَتِّبُ عَلَيْهَا السُّورَةَ، فَلَوْ قَضَى الْفَاتِحَةَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي لَا يُرَتِّبُ عَلَيْهَا السُّورَةَ، فَلَا يَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى وِفْقِ الْأَدَاءِ، أَمَّا لَوْ قَضَى السُّورَةَ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي كَانَتِ السُّورَةُ مُرَتَّبَةً عَلَى الْفَاتِحَةِ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ عَلَى وِفْقِ الْأَدَاءِ.

ثُمَّ قَوْلُهُ -رحمه الله- (وَجَهَرَ).


(١) ينظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٢٩٨)، و"البحر الرائق؛ لإبن نجيم المصري، ومعه تكملته للقادري" (١/ ٣٥٧)، و" تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ١٢٨).
(٢) في (ب): (فكما).
(٣) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢٢١)، و"بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ١٧٢)، و"الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٥٥).
(٤) في (ب): (السور).