للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُمْ مَنْ صَرَفَ قَوْلَهُ وَجَهَرَ إِلَى السُّورَةِ خَاصَّةً، وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ (١) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُفَ -رحمهم الله- (٢)؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَاتِحَةِ مُؤَدٍّ فَيُرَاعَى صِفَةُ أَدَائِهَا، وَفِي السُّورَةِ قَاضٍ فَيَجْهَرُ بِالسُّورَةِ كَمَا يَجْهَرُ فِي الْأَدَاءِ، وَلَا يَكُونُ جَمْعاً بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ، فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَقْدِيراً لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَلْتَحِقُ بِمَحَلِّ الْأَدَاءِ.

وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ (٣) أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ أَصْلاً [وَحَقِيقَةً] (٤) لِأَنَّهُ لَا يَجْهَرُ بِالْفَاتِحَةِ لِمَا قُلْنَا فَلَوْ جَهَرَ بِالسُّورَةِ كَانَ جَمْعاً بَيْنَ الْجَهْرِ، وَالْمُخَافَتَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، صُورَةً وَحَقِيقَةً، وَذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجْهَرُ بِهِمَا؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ السُّورَةِ وَاجِبَةٌ، وَقِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَكَانَ مُرَاعَاةُ صِفَةِ الْوَاجِبِ أَوْلَى؛ فَإِذَا جَهَرَ بِالسُّورَةِ، يَجْهَرُ بِالْفَاتِحَةِ كَيْلَا تَخْتَلِفُ صِفَةُ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " لِقَاضِي خَانَ (٥).

وَلَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي بَابِ السَّهْوِ مِنَ " الْمَبْسُوطِ " فَقَالَ: (الظَّاهِرُ مِنَ الْجَوَابِ أَنْ يَجْهَرَ بِالسُّورَةِ وَيُخَافِتُ بِالْفَاتِحَةِ) (٦)؛ لِأَنَّ السُّورَةَ قَضَاءٌ، وَقَدْ فَاتَتْ بِصِفَةِ الْجَهْرِ؛ فَيَقْضِي كَذَلِكَ، وَالْفَاتِحَةُ أَدَاءٌ، وَقَدْ شُرِعَ أَدَاؤُهَا عَلَى سَبِيل ِالْمُخَافَتَةِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ فَقَالَ: (وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الثَّلْجِيُّ (٧) وَهُوَ جَهْرُ السُّورَةِ دُونَ الْفَاتِحَةِ) (٨).


(١) محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي أبو عبد الله ذكره صاحب الهداية في البيوع الإمام أحد الثقات الإثبات توفى ابن سماعة في سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وله مائة سنة وثلاث سنين.
انظر: "تاريخ بغداد للخطيب البغدادي " (٣/ ٢٩٨) و"سير أعلام النبلاء " (١٠/ ٦٤٦)، " الجواهر المضية في طبقات الحنفية، للقرشي " (٢/ ٥٨).
(٢) ينظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٣٣٠).
(٣) ينظر: " الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٣٣٠)، و" البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٣٠٠).
(٤) (وَحَقِيقَةً) زيادة من (ب).
(٥) "شرح الجامع الصغير" لقاضي خان (١/ ٢١٥).
(٦) ينظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٢٨٩: ٢٩٩)، و"فتح القدير، لإبن الهمام الحنفي" (١/ ٣٣٠: ٣٣١)، و"درر الحكام شرح غرر الأحكام، لملا خسرو " (١/ ٨٢)، و"حاشية الطحاوي" (١/ ٢٥٤)، و "رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٥٣٦)، و"البحر الرائق؛ لإبن نجيم المصري، ومعه تكملته للقادري" (١/ ٣٥٨).
(٧) في (ب): (البلخي، وما أثبته بالمتن هو الموافق لما ذُكر في: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٢٩٩).
(٨) ينظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٢٨٩: ٢٩٩)، و"فتح القدير، لإبن الهمام الحنفي" (١/ ٣٣٠: ٣٣١)، و"درر الحكام شرح غرر الأحكام، لملا خسرو " (١/ ٨٢)، و"حاشية الطحاوي" (١/ ٢٥٤)، و"حاشية … ابن عابدين" (١/ ٥٣٦)، و" البحر الرائق؛ لإبن نجيم المصري، ومعه تكملته للقادري " (١/ ٣٥٨).