للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «المبسوط» (١): وروى الحسن بن زياد أنها إذا وقفت خلف الإمام جاز اقتداؤها به وإن لم ينو إمامتها، ثم (٢) إذا وقفت إلى جنبه فسدت صلاتها لا صلاة الرجل، وإن كان نوى إمامتها فسدت صلاة الرجل، وهذا قول أبي حنيفة الأول، ووجهه أنها إذا وقفت خلفه فقصدها أداء الصلاة لا فساد صلاة الرجل فلا يشترط نية الإمامة، فإذا وقفت إلى جنبه فقد قصدت إفساد صلاته فيرد قصدها عليها بإفساد صلاتها إلا أن يكون الرجل قد نوى إمامتها، فحينئذ هو ملتزم (٣) بهذا الضرر، وإن لم يكن بجنبها رجل، أي: إمام أو مقتدي والفرق على إحديهما أي: على الرواية التي لا تشترط نية الإمام لصحة اقتدائها إذا لم يكن بجنبها رجل أن الفساد في الأول (٤)، أي: فيما إذا كانت محاذيه، وفي (٥) الثاني أي: فيما إذا لم يكن بجنبها رجل، فإنها إذا لم تكن بجنب رجل يحتمل أن تمشي وتحاذي الرجل فيفسد، ولكن الظاهر أن لا تمشي في الصلاة، ولا تحاذي، فلذلك لم يشترط النية في هذه الصورة في إحدى الروايتين و (٦) لصحة اقتدائها بخلاف الأول، فإن المحاذاة فيه ثابتة، فيلزم الفساد من غير احتمال، فيشترط النية، ومن شرائط المحاذاة إلى آخره (٧).

قيل في حد المحاذاة: المفسدة هي محاذاة المرأة المشتهاة حالًا أو ماضيًا الرجل في صلاة مطلقة منوية إمامتها مشتركة تحريمة وأداء، وقد استويا في المكان، وليس بينهما حائل فشرطنا المحاذاة مطلقًا ليتناول كل الأعضاء أو بعضها، فإنه ذكر في «الخلاصة» (٨) محالًا على فوائد القاضي أبي علي النسفي -رحمه الله- (٩) حد المحاذاة أن يحاذي عضو منها عضوًا من الرجل حتى لو كانت المرأة على الظلة ورجل بحذائها أسفل منها إن كان يحاذي الرجل شيئًا منها تفسد صلاته إنما عين هذه الصورة؛ ليكون قدم المرأة محاذته للرجل لأن المراد بقوله: إن يحاذي عضو منها هو قدم المرأة لا غيرها، فإن محاذاة غير قدمها لشيء من الرجل لا يوجب فساد صلاة الرجل (١٠)، نص على هذا في فتاوى قاضي خان (١١) في أواسط فصل من تصح الاقتداء به ومن لا تصح، وقال: المرأة إذا صلت مع زوجها في البيت إن كان قدمها بحذاء قدم الزوج لا يجوز صلاتهما بالإجماع (١٢)، وإن كان قدمها خلف قدم الزوج إلا أنها طويلة يقع رأس المرأة في السجود قبل رأس الزوج جازت صلاتها؛ لأن العبرة للقدم.


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٤٠.
(٢) في (ب): زيادة إنه.
(٣) في (ب): ملزم
(٤) في (ب): الأولى
(٥) ساقط من (ب).
(٦) ساقط من (ب).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٦٣.
(٨) الخُلَاصَة الغزاليَّة، وتسمى خُلاصة المختصر ونقاوة المُعتصر لحجة الاسلام أبي حامد مُحَمَّد بن مُحَمَّد الغزالي (٥٠٥ هـ) الْكِتَاب مطبوع بمجلد واحد طبعته دار المنهاج بتحقيق أمجد رشيد مُحَمَّد علي.
(٩) هو: الحسين بن الخضر بن محمد بن يوسف الفقيه القشيديرجي القاضي أبو علي النسفي قال السمعاني كان إمام عصره تفقه ببغداد وناظر المرتضى فى توريث الأنبياء من أصحاب الإمام أبي بكر محمد بن الفضل اجتمع به ببخارى وله أصحاب وتلامذة مات سنة أربع وعشرين وأربع مائة وقد قارب الثمانين.
ينظر: سير أعلام النبلاء: ١٧/ ٤٢٤)، و (الجواهر المضية: ١/ ٢١١)، و (شذرات الذهب: ٣/ ٢٢٧).
(١٠) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين: ١/ ٥٧٢.
(١١) هو: حسن بن منصور بن أبي القاسم محمود بن عبد العزيز، فخر الدين، المعروف بقاضي خان الأوزجندي الفرغاني: فقيه حنفي، من كبارهم. روى عنه: العلامة جمال الدين محمود بن أحمد الحصيري، أحد تلامذته. بقي إلى سنة تسع وثمانين وخمس مئة، فإنه أملى في هذا العام. له (الفتاوي)، و (الأمالي)، و (الواقعات)، و (المحاضر)، و (شرح الزيادات)، و (شرح الجامع الصغير)، و (شرح أدب القضاء للخصاف) وغير ذلك.
(سير أعلام النبلاء: ٢١/ ٢٣١)، و (الفوائد البهية: ص ٢٠٩)، و (الأعلام للزركلي: ٢/ ٢٢٤).
(١٢) ينظر: الْبَحْرُ الرَّائِق ١/ ٣٧٦)، (حاشية رد المختار (١/ ٥٧٢).