للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل عليه: ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «لا تمنعوا إماء الله من مساجد الله وليخرجن إذا خرجن تفلات (١) (٢)،/ فمنعن بعد ذلك، وعن عمر رضي الله عنه: أنه نهى النساء عن الخروج إلى المساجد، فشكون إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: لو علم النبي عليه السلام ما علم عمر ما أذن لكنَّ (٣) في الخروج (٤).

ثم تكلموا أن في زماننا هل يرخص (٥) لهن في الخروج في شيء من هذه (٦) الصلوات أم لا؟ أما الشواب (٧) فلا يرخص لهن في الخروج في شيء من الصلوات

عندنا (٨)، وعند (٩) الشافعي -رحمه الله- يباح لهن الخروج (١٠) واحتج بقوله: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (١١) (١٢)، واحتج أصحابنا بنهي عمر عن الخروج لما رأى من الفتنة، وأما العجائز من النساء يباح لهن الخروج إلى صلاة العيدين والجمعة والفجر والعشاء، ولا يباح لهن الخروج إلى الظهر، والعصر (١٣)، والمغرب عند أبي حنيفة (١٤)، وقالا: يباح لهن الخروج إلى الصلوات كلها، واحتجا بأن خروج العجائز إلى الجماعات مما لا يصير سببًا للوقوع في الفتنة لقلة ترغيب الرجال فيهن، ولهذا حل للرجل مصافحتهن (١٥)، وقد


(١) تفلات: (تفل) التاء والفاء واللام أصلٌ واحدٌ، وهو خُبْثُ* الشيء وكَرَاهَتُه. فالتَّفَل الرِّيحُ الخبيثة. وامرأةٌ تَفِلَةٌ ومِتْفال. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لا تمنَعُوا إماءَ الله مساجدَ الله، وليَخْرُجْن إذا خرَجْنَ تَفِلات"، أي لا يكنَّ مطيَّبات. ينظر: معجم مقاييس اللغة (١/ ٣٤٩).
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غُسل من النساء والصبيان وغيرهم (٨٥٨). ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المسجد إذا لم يترتب عليه فتنة، (٤٤٢) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(٣) في (ب): كل
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الأذان، باب: خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس (١/ ١٧٢) رقم الأثر: ٨٦٩، ومسلم في صحيحه، كتاب: الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة (١/ ٣٢٦) رقم الأثر: ٤٤٥. بهذا اللفظ: عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: «لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل».
(٥) ماهي الرخصة: الرخصة في اللغة اليسر والسهولة، وفي الشريعة اسم لما شرع متعلقا بالعوارض أي ما استبيح بعذر مع قيام الدليل المحرم وقيل هي ما بني أعذار العباد عليه. (التعريفات (١/ ١٤٧)، أصول السرخسي (١/ ١١٨).
(٦) ساقط من (ب).
(٧) في (ب): النسوان.
(٨) ينظر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٢/ ٧٤)، (المحيط البرهاني (٢/ ٢٠٨ - ٢١١).
(٩) في (ب): وقال.
(١٠) عند الشافعي يباح مع الكراهة. ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي ٢/ ٣٦٦، المجموع ٤/ ١٩٧.
(١١) ساقط من (ب). «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله».
(١٢) سبق تخريجه ص (١٤٧)
(١٣) ساقط من (ب).
(١٤) ينظر: المحيط البرهاني ٢/ ١٠٢، العناية شرح الهداية ١/ ٣٦٥.
(١٥) مسألة مصافحة المراة الاجنبية: عند الأحناف: إن كانت عجوزاً لا تشتهى فلا بأس بمصافحتها، ومس يدها، والأصل في ذلك ما روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصافح العجائز في البيعة، ولا يصافح الشواب، ولأن الحرمة في الشواب لخوف الفتنة، ولا خوف في العجائز، وكذلك إذا كان شيخاً يأمن على نفسه وعليها فلا بأس بأن يصافحها، وإن كان لا يأمن على نفسه أو عليها، فليجتنب، وروي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان في خلافته يخرج إلى بعض القبائل التي كان مسترضعا فيها فكان يصافح العجائز وعند المالكية: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَافِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَلَوْ كانت مُتَجَالَّةً وعند الشافعية: لا يصافح الرجل المرأة ولا عكسه ومثلها الامرد الجميل عند الحنابلة: (وَلَا تَجُوزُ مُصَافَحَةُ الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الشَّابَّةِ) لِأَنَّهَا شَرٌّ مِنْ النَّظَرِ، أَمَّا الْعَجُوزُ فَلِلرَّجُلِ مُصَافَحَتهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: تُكْرَهُ مُصَافَحَةُ النِّسَاءِ.
ينظر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (١٠/ ٢٦٥)، المحيط البرهاني (٥/ ١٧٧)، حاشية العدوي (٢/ ٦١٩)، حواشي الشرواني والعبادي (/ ٣/ ٥٦)، الإقناع (١/ ٢٣٩)،