للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: هو الصحيح احتراز عن قول أبي حازم القاضي كما ذكرنا فإن قراءة الإمام في الأوليين ثم قدم في الأخريين أميا أي: أحدث، فاستخلف أميًّا، كذا ذكر مقيدًا في نسخ «الجامع الصغير» (١).

وقال زفر: لا تفسد وكذا عن أبي يوسف في غير رواية الأصول؛ لأن الإمام الأول أدى فرض القراءة، وليس في الأخريين قراءة، فكان استخلاف القارئ والأمي سواء، ولنا أن القراءة فرض في جميع الصلاة تؤدي في موضع مخصوص، فإذا كان الإمام قارئًا فقد التزم أداء جميع الصلاة بقراءة الأمي عاجز عن ذلك فلا يصلح خليفة له، وانتقاله باستخلاف من لا يصلح خليفة له تفسد صلاته كما لو استخلف صبيًّا أو امرأة، وعلى هذا لو رفع رأسه من آخر السجدة، ثم سبقه الحدث، فاستخلف أميًّا فسدت صلاته، وصلاة القوم عندنا، فأما إذا قعد قدر التشهد، ثم أحدث، فاستخلف أميًّا، فهو على الخلاف المعروف بين أبي حنيفة وصاحبيه كذا في «المبسوط» (٢).

وذكر في «الجامع الصغير (٣)» لقاضي خان (٤): فإن قدمه بعدما قعد قدر التشهد فسدت صلاته في قول أبي حنيفة، ولا تفسد في قول أبي يوسف ومحمد، وهي من المسائل الاثنى عشرية، وقيل: لا تفسد عند الكل أما عندهما فظاهر، وكذلك عند أبي حنيفة رحمه الله لوجود الخروج من الصلاة بصنعة، وهو الاستخلاف كما لو قهقه أو تكلم، و (٥) جعل الإمام التمرتاشي رحمه الله عدم الفساد عند الكل أولى (٦).

وفي «المحيط» (٧): جعل ذلك قول الفقيه أبي جعفر الهندواني (٨)، والإمام الكاساني رحمه الله (٩) ذكر عدم الفساد بالإجماع، فقال: ولو قدمه بعد التشهد جاز بالإجماع عندهما لا يشكل، وعند أبي حنيفة رحمه الله لوجد المنع.


(١) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ١/ ٩٨.
(٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٣٤.
(٣) ساقط من (ب).
(٤) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ١/ ٩٨.
(٥) ساقط من (ب).
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٧٧.
(٧) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٠٨.
(٨) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر، أبو جعفر البلخي الهندواني. إمام جليل القدر كان على جانب عظيم من الفقه والذكاء والزهد والورع، ويقال له: أبو حنيفة الصغير. تفقه على أبي بكر الأعمش وروى الحديث عن محمد بن عقيل البلخي وغيره. والهندواني بكسر الهاء وضم الدال المهملة نسبة إلى باب هندوان محلة ببلخ. وتفقه عليه نصر بن محمد أبو الليث الفقيه وجماعة كثيرة.
(الجواهر المضية: ٢/ ٦٨)، (الفوائد البهية: ص ١٧٩)، و (شذرات الذهب: ٣/ ٤١).
(٩) هو: أبو بكر بن مسعود بن أحمد، علاء الدين. منسوب إلى كاسان بلدة بالتركستان، خلف نهر سيحون، من أهل حلب. من أئمة الحنفية. كان يسمى (ملك العلماء) أخذ عن علاء الدين السمرقندي، وشرح كتابه المشهور (تحفة الفقهاء) تولى بعض الأعمال لنور الدين الشهيد. وتوفي بحلب. من تصانيفه: (البدائع)، و (السلطان المبين في أصول الدين).
ينظر: الجواهر المضية ٢/ ٢٤٤)، و (الأعلام للزركلي: ٢/ ٧٠)، و (معجم المؤلفين: ٣/ ٧٥).