للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إذا فرغ فحينئذ يخير المقتدي على ما ذكرنا في «المحيط» (١) إلا أن يكون إمامه قد فرغ يعني حينئذ يجوز له أن لا يعود إلى مكانه الأول (٢)، فإن قيل: كيف يستقيم هذا واللاحق في حكم المقتدى فيما يتم من صلاته، فإذا كان بينه وبين الإمام ما يمنع صحة الاقتداء به من طريق أو/ نهر، فينبغي أن لا تجوز صلاته في بيته، قلنا: نعم، هو فيما يؤدي بمنزلة المقتدي، ولكن الإمام قد خرج من حرمة الصلاة، فلا نزاع حينئذ في ترتيب المقام بينه وبين إمام قد خرج من الصلاة، وربما خرج أو أحدث أو مات أو نام كذا ذكر السؤال، والجواب في نوادر صلاة المبسوط (٣).

قلت: قد ظهر الفرق بين لاحق يصلي وإمامه لم يفرغ، وبين لاحق يصلي وإمامه قد فرغ في حق حكم آخر، وهو نية الإمامة لما عرف في أصول الفقه، فجاز أن يظهر الفرق بينهما في حق ترتيب المقام أيضًا؛ لفوات ما يستدعيه، وهو خروج إمامه عن حرمة الصلاة.

قوله رحمه الله: أو لا يكون بينهما حائل يعني حينئذ يجوز له أن يصلي في بيته على وجه الاقتداء بالخليفة، وإن لم يفرغ الإمام عن الصلاة بأن يكون بيته بجنب المسجد بحيث لو اقتدى به يكون صحيحًا؛ لأن البقاء أسهل من الابتداء، وفي الابتداء لو اقتدى به، وهو في بيته والمسجد ملأن يجوز، فكذا يجوز (٤) إتمام الصلاة في بيته، وإن لم يفرغ الإمام من صلاته إذا لم يكن ما يمنعه من الاقتداء من البعد والحيطان والنهر (٥)، (٦).

قوله: وهو رواية عن محمد رحمه الله، وخلاف محمد رحمه الله فيما إذا كان باب المسجد على غير حائط القبلة ليتحقق الانصراف، وأما إذا كان يمشي في المسجد، ووجهه إلى القبلة بأن كان باب المسجد على حائط القبلة لا تفسد صلاته بالاتفاق فوجه القياس ظاهر؛ لأن هذا انصراف عن القبلة من غير عذر، فيلزمه الاستقبال كالمتيمم إذا رأى سرابًا فظنه ماء، وكمن ظن أنه لم يمسح فانصرف، ثم علم أنه قد مسح، أو صلى الظهر فظن أنه لم يصلي الفجر فانصرف، ثم علم أنه قد صلى أو ظن الماسح في صلاته أنه انقضى (٧) مدة المسح، فانصرف ثم علم أنه لم ينقض أو رأى في صلاته على ثوبه حمرة فظن أنها دم فانصرف، ثم علم أنه لم يكن فإنه يستقبل الصلاة (٨).


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦١.
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٨١.
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ٢/ ٢١٠.
(٤) في (ب): زيادة له
(٥) في (ب): النهي
(٦) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ٢/ ٢١٠.
(٧) في (ب): قد
(٨) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٨٢.