للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه المسائل تسمى باثني عشرية؛ لأنها بذلك العدد في الروايات المشهورة، وقد يزيد عليها مسائل منها إذا كان يصلي بالثوب، وفيه نجاسته أكثر من قدر الدرهم، ثم وجد من الماء يغسل به النجاسة في هذه الحالة، ومنها أنه يقضي صلاة الفجر، وقد عاينه فدخل وقت الزوال في هذه الحالة، ومنها أنه يقضي صلاة الظهر في وقت العصر فتغيرت الشمس في هذه الحالة (١)، كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٢).

قوله: إن الخروج عن الصلاة بصنع المصلي فرض عند أبي حنيفة رحمه الله، فإن قلت: لا فائدة في تقييده بصنع المصلي، فإنه إذا حاذت المرأة الرجل فإنه في هذه الحالة يتم إلى صلاته بالاتفاق ولا صنع من الرجل هاهنا أصلًا، فالمسألة في «المبسوط» (٣).

قلت: المحاذاة صنع من جهته كذا في «المبسوط» (٤).

قلت: المحاذاة صنع من جهته لما أن المفاعلة تقتضي الفاعلين، فكان الفعل موجودًا من الرجل كوجوده من المرأة، وإن لم يكن للرجل فيه اختيارًا أو نقول: وجود الصنع المفسد من غير المصلي إذا كان عن ذي اختيار، وقد اتصل ذلك الفعل بالمصلي يجعل كأنه وجد ذلك الفعل من المصلي، وإن لم يكن للمصلي فيه اختيار ألا ترى أن المرأة إذا كانت تصلي فلمسها زوجها بشهوة/ أو قبَّلها بشهوة تفسد صلاتها، والمسألة في «المحيط» (٥) وغيره (٦).

وإن لم يوجد منها فعل ولا اختيار بوجود الصنع من غيرها باختيار، وقد اتصل ذلك الفعل بها، فكذلك في المحاذاة لهما ما روينا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه إذا قلت: هذا وفعلت هذا، فقد تمت صلاتك (٧)، فالنبي عليه السلام علق التمام بأحدهما، فمن علق التمام بصنع آخر يوجد بعد أحدهما، فقد خالف النص، ولأن الخروج لو كان ركنًا من أركان الصلاة كان لا يتأدى إلا بفعل هو قربة كسائر الأركان من الركوع والسجود، وبالاتفاق أنه يتأدى بالحدث العمد، والقهقهة علمنا أنه ليس بركن، ولأنه لو كان ركنًا في الصلاة كان إذا وجد في وسط الصلاة لا تفسد به الصلاة، وإن كان في غير محله كالقعدة والركوع والسجود، وهذا يفسد في غير محله، فلا يكون ركنًا، ولأبي حنيفة رحمه الله أن هذه عبادة لها تحريم، وتحليل، فلا تخرج منها على وجه التمام إلا بصنعه كالحج وتقريره أن بعد التشهد لو أراد استدامة التحريمة إلى خروج الوقت أو دخول وقت صلاة أخرى يمنع منه بالاتفاق، ولو لم يبق عليه شيء من الصلاة لم يمنع من ذلك (٨)، كذا في المبسوطين (٩).


(١) يُنْظَر: الفتاوى الهندية: ١/ ٩٧، البحر الرائق: ١/ ٣٩٨.
(٢) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٢٨، ٢٢٩.
(٣) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٧٠.
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٧٠.
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ٨٤.
(٦) يُنْظَر: البحر الرائق: ٤/ ٨٧.
(٧) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب: الصلاة، باب: التشهد (١/ ٢٥٥) رقم الحديث: ٩٧٠، والبيهقي في معرفة السنن والآثار، كتاب: الصلاة، باب: التشهد (٣/ ٦٣) رقم الحديث: ٣٦٩٧.
(٨) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٢٧٥.
(٩) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٢٨.