للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله هذه المسألة، فقال: ومن أصحابنا من قال: هذه المسائل تنبني على أصل، وهو أن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عند أبي حنيفة خلافًا لهما، ثم قال: ولكن هذا ليس بقوي لاستحالة أن يقال: يتأدى فرض الصلاة بالحدث العمد، ولو كان الخروج بصنع المصلى فرضًا لاختص بما هو قربة كالخروج من الحج، ولكن الصحيح لأبي حنيفة أن التحريمة باقية بعد الفراغ من التشهد، واعترض المغير للفرض في هذه الحالة (١) كاعتراضه في خلال الصلاة بدليل أن المسافر لو نوى الإقامة في هذه الحالة يتغير فرضه كما لو نواها (٢) في خلال الصلاة، وهذه العوارض مغيرة للفرض بخلاف الكلام، فإنه قاطع لمغير والقهقهة والحدث العمد، والمحاذاة مبطلة لا مغيرة للصلاة، وطلوع الشمس مغيرا للصلاة أيضًا من الفرض إلى النفل.

وجميع ما بينا فيما إذا اعترض قبل السلام، كذلك في سجود السهو أو بعدما فرغ منها قبل أن يتشهد أو بعد التشهد قبل أن يسلم؛ لأن التحريمة (٣) باقية/ فإن عرض له شيء من ذلك بعدما سلم قبل أن يسجد للسهو فصلاته تامة أما عندهما فلا شك، وأما عند أبي حنيفة فلأنه بالسلام يخرج من التحريمة، وبهذا لا يتغير فرض المسافر بنية الإقامة في هذه الحالة، وكذلك إن سلم إحدى التسليمتين؛ لأن انقطاع التحريمة يحصل بتسليمة وحدة، وهذا كله بناء على قولنا (٤)، وأما عند الشافعي فتفسد صلاته بالكلام والحدث العمد والعوارض المفسدة في هذه الحالة؛ لأن الخروج بالسلام عنده (٥) من فرائض الصلاة، ومعنى قوله أي: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- تمت أي: قارب التمام كما قال عليه السلام «من وقف بعرفة فقد تم حجه» (٦)، أي: قارب التمام (٧).


(١) في (ب): العوارض
(٢) ساقط من (ب). كما لو نواها
(٣) ساقط من (ب). لأن التحريمة
(٤) ساقط من (ب) (لأن انقطاع التحريمة يحصل بتسليمة وحدة، وهذا كل بناء على قولنا).
(٥) في (ب): زيادة فرض
(٦) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب: الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج (٢/ ٢٣٠) رقم الحديث: ٨٩١، و النسائي في سننه، كتاب: مناسك الحج، باب: فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة (٥/ ٢٦٣) رقم الحديث: ٣٠٣٩. بهذا الفظ: عن عروة بن مضرس، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقفا بالمزدلفة، فقال: «من صلى معنا صلاتنا هذه ها هنا، ثم أقام معنا وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا، فقد تم حجه» قال عنه الإمام الألباني: صحيح. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٤/ ٢٥٩).
(٧) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٢٨، ٢٢٩