للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: كأنه أراد بقوله: ومن مشايخنا من علل به كشيخ الإسلام، فإنه علل بذلك، وهو أن يجمع شعره على قامته.

وفي مبسوط شيخ الإسلام (١): وصورة العقص هو أن يشتد ضفرتيه حول رأسه كما يفعله النساء أو يجمع شعره، فيعقد (٢) في مؤخر رأسه، وكل ذلك مكروه.

وعن عمر رضي الله عنه: أنه مرّ على رجل ساجد عاقص شعره، فحله حلًّا عنيفًا، وقال: "إذا طول أحدكم شعره فليرسله/ ليسجد معه" (٣)، ونهى عن السدل (٤).

وفي فتاوى قاضي خان: وهو أن يجعل الثوب على رأسه أو عاتقه، ويرسل جانبيه (٥). وفي مبسوط شيخ الإسلام: هو أن يضع الرداء على كتفيه، ولم يدخل يديه في الكمين، وكذا أيضًا في «الخلاصة»، وهو مكروه سواء كان تحته قميص أو لا، ولا يأكل ولا يشرب. أما إذا كان بين أسنانه شيء فابتلعه لا تفسد صلاته؛ لأن ما بين أسنانه تبع لريقه، ولهذا لا يفسد به الصوم، قال بعضهم: هذا إذا كان ما بين أسنانه قليلًا بما (٦) دون الحمصة، فأما إذا كان أكثر من ذلك تفسد صلاته، وسوى بينها وبين الصوم، وقال بعضهم: ما دون ملء الفم لا تفسد صلاته (٧)، (٨) وفرق بين الصلاة والصوم. كذا في فتاوى قاضي خان (٩).

ثم ابتدأ المسائل «الجامع الصغير» (١٠)، فقال: ولا بأس بأن يكون مقام الإمام في المسجد وسجوده في الطاق المراد منه المحراب، وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله (١١): وفيه طريقان أحدهما: أنه إذا دخل الطاق صار ممتازاً عن القوم في المكان؛ لأنه في معنى بيت آخر، وذلك صنيع أهل الكتاب، والتشبيه بهم مكروه قال عليه السلام: «من تشبه بقوم فهو منهم» (١٢) خصوصًا في الصلاة، ولهذا يكره الاعتجاز وتغطية الفم في الصلاة؛ لأنه تشبه بهم.


(١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٥٦.
(٢) في (ب) فيعقده
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٨١٢٧ - ٢/ ٤٣٥) قال الإمام الألباني: وبذلك يرتقي الحديث إلى الصحة، لولا أنهما اختلفا في شيء من متنه وسنده:
أما الأول: فليس في حديث مخول: " ذلك كفل الشيطان "؛ بل فيه النهي
عن ذلك. والأمر فيه يسير، والقاعدة أن يضم هذا إلى ذلك.
وأما الآخر: فهو أن مخولاً لم يذكر بين أبي سعد وأبي رافع: أبا سعيد المقبري!
ولعل الأصح إثباته؛ أخذاً بالزيادة. والله أعلم. انظر: صحيح أبي داود - الأم (٣/ ٢١٦).
(٤) يُنْظَر: الجوهرة النيرة: ١/ ٦٣.
(٥) يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب: ١/ ٨٤.
(٦) ساقط من (ب).
(٧) ساقط من ب
(٨) زيادة وقال في ب
(٩) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٥٨، والفتاوى الهندية: ١/ ١٠٢، والجوهرة النيرة: ١/ ٦٣، ٦٤.
(١٠) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ١/ ٨٦.
(١١) هو: عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح الحلواني، الملقب شمس الأئمة، من أهل بخارى، إمام أصحاب أبي حنيفة بها في وقته. حدث عن أبي عبد الله غنجار البخاري، تفقه على القاضي أبي علي الحسين بن الخضر النسفي، روى عنه أصحابه مثل أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي شمس الأئمة، وبه تفقه وعليه تخرج وانتفع وأبي بكر محمد بن الحسن بن منصور النسفي، وأبي الفضل بكر بن محمد بن علي الزرنجري، توفي سنة ثمان أو تسع وأربعين وأربع مائة بكش وحمل إلى بخارى ودفن فيها.
(لسان الميزان: ٤/ ٢٤)، و (الجواهر المضية: ١/ ٣١٨)، و (الفوائد البهية: ص ٩٥).
(١٢) رواه أبو داود في سننه (٤٠٣٣)، كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة. وأحمد في مسنده (٥١١٤ - ٢/ ٥١١٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. قال الألباني: صحيح. انظر: إرواء الغليل (٢٢٨١ - ٨/ ٤٩).