للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه قال: ألا وهي الوتر على سبيل التعريف، فكان في هذا دليل على أنه كان معلومًا عندهم، وزيادة التعريف زيادة وصف لا أصل، وهو الوجوب.

والثالث: أنه أمر بأدائها، والأمر على الوجوب (١).

والمعنى في المسألة: أن الوتر صلاة مؤقتة مقضية (٢)، فيكون واجبًا قياسًا على المغرب، وإنما قلنا: إنها مؤقتة؛ لأن أفضل الوقت للوتر وقت السحر، ويكره أداء العشاء فيه أشد الكراهة، ولو كان الوتر تبعًا للعشاء سنة له كركعتي العشاء كان وقته المستحب وقت العشاء، وإنما قلنا: مقضية (٣) فإنه لا خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه في أنها تقضى بعد ذهاب الوقت، ولأن عمر رضي الله عنه لما أمر بصلاة التراويح روى تقدير أعداد ركعاتها بأعداد الفرائض، ولن تبلغ عشرين عددًا إلا بالوتر غير (٤) وجوب الوتر ثبت بدليل موجب للعمل غير موجب علم اليقين، فلهذا ينحط رتبته عن سائر المكتوبات، فلا يسمى فرضًا مطلقًا.

وأما الفرض المطلق فالصلوات الخمس كما ذكرنا، ولأن ابتداء النوافل يكره بثلاث، وابتداء النوافل مبني على حد التطوعات المشروعة مؤقتة، ولو كان الثلاث مشروعة تطوعًا لما كره ابتداء النوافل كالركعتين والأربع. وحكي عن الحسن البصري رحمه الله: على أن الوتر حق واجب، وكذا حكى الطحاوي: في وجوبه إجماع السلف فإنهما كانا إمامين، كذا في «المبسوط»، و «الأسرار» الوتر ثلاث ركعات (٥). وفي «تحفة الفقهاء» (٦): وقال الشافعي: هو بالخيار إن شاء أوتر بركعة أو بثلاث أو بخمس (٧) أو بتسع أو بإحدى عشرة ركعة، ولا يزيد (٨) على هذا، وقال الزهري (٩): في شهر رمضان ثلاث ركعات، وفي غيره ركعة.


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٢٥، وتبيين الحقائق: ٢/ ٣١٠.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): يقضيه
(٤) في (ب): زيادة (أن)
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٨٤، ٢٨٥، وكشف الأسرار: ٣/ ٥٧٤.
(٦) يُنْظَر: تحفة الفقهاء: ١/ ٢٠٢.
(٧) في (ب): زيادة (أو سبع)
(٨) في (ب): يزاد
(٩) هو: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري يكنى أبا بكر. عن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: ما أرى أحدا جمع بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جمع ابن شهاب. وقال مالك بن أنس: ما أدركت فقيها محدثا غير واحد فقلت من هو فقال ابن شهاب الزهري. قال الواقدي: ولد الزهري في سنة ثمان وخمسين في آخر خلافة معاوية، ومرض وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق ومات لسبع عشرة خلت من رمضان سنة أربع وعشرين ومائة.
(تهذيب التهذيب: ٩/ ٤٤٥)، و (صفة الصفوة: ٢/ ١٣٦)، و (تذكرة الحفاظ: ١/ ١٠٢).