للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: لاختلاف الآثار رأي في بعضها، روي أربع ركعات (١)، وفي بعضها: روي ثنتان (٢)، ولم يقل: لاختلاف الأخبار (٣) لما أن اختلاف الرواية بين الأربع والركعتين إنما جاء من فعل الصحابة لا من النبي عليه السلام، وعن النخعي قال (٤): كانوا يستحبون قبل العصر ركعتين ولم يكونوا يعدونها من السنة، وهذا نقل من الصحابة (٥)، كذا في «الإيضاح»، ولم يذكر الأربع قبل العشاء، أي: النبي عليه السلام لم يذكرها/ عند ذكر تفسير الحديث، وذكر فيه الركعتين بعد العشاء، أي: وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي روينا ركعتين، وفي غيره -أي: وفي غير هذا الحديث- ذكر النبي عليه السلام الأربع (٦)، فلهذا خير، أي: فللاختلاف في ألفاظ الحديث بين الأربع، والركعتين خيّر محمد بن الحسن أو القدوري بقوله: وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ (٧).

وأما لفظ الحديث بالأربع بعد العشاء، وفي غير هذا الحديث ما ذكر في «المبسوط» (٨): وإن صلى أربعًا فهو أفضل لحديث ابن عمر رضي الله عنه (٩) موقوفًا عليه ومرفوعًا: «من صلى بعد العشاء أربع ركعات كن له (١٠) كمثلهن من ليلة القدر» (١١)، وذكر في «الإيضاح»: وإنما ضعف حكم النفل بعد العشاء؛ لأن سنة النفل بالليل آخره، يعني: تشق فيه القيام، فلم يجعل لذلك من السنن الرواتب، ولأنه لما شرع الوتر بعده، وهو سنة عندهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله سنة في حق العلم ضعف حكمه لئلا يؤدي إلى الجمع بين سنتين خصوصًا عند أبي حنيفة، فإن من مشايخنا من قال: ما ذكر في الكتاب آية تصلي ركعتين بعد العشاء قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله فالأفضل أن يصلي أربعًا، وجعل هذا فرعًا لمسألة أخرى، وهي أن صلاة الليل مثنى مثنى أفضل أم أربع بتسليمة واحدة؟ عند أبي حنيفة رحمه الله الأربع أفضل (١٢)، وعندهما مثنى مثنى أفضل، وقال بعضهم: هذا لا يصح؛ لأن اختلافهم في التطوع الذي ليس من السنن، ولكن الصحيح ما قاله الأوّلون؛ لأن محمدًا جعله بمنزلة صلاة الليل، ولم يعده من السنن المؤقتة؛ لأنه قال: إن فعل فحسن. كذا في مبسوط شيخ الإسلام رحمه الله (١٣).


(١) رواه الترمذي في سننه (٤٢٩)، كتاب أبواب الصلاة، باب الأربع قبل العصر. من حديث علي رضي الله عنه. قال الألباني: حسن.
(٢) رواه النسائي في سننه (٥٨١)، كتاب المواقيت، باب الرخصة في الصلاة قبل الغروب. من حديث أم سلمة رضي الله عنها. قال الألباني: صحيح الإسناد.
(٣) في ب الأحاديث بدل من الأخبار
(٤) ساقط من ب (قال)
(٥) انظر: تبيين الحقائق: ١/ ١٧٢.
(٦) سبق تخريجه ص ()
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٤٢.
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢٨٦.
(٩) هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوى الصحابي المشهور. أمه زينب بنت مظعون الجمحية. ولد سنة ثلاث من المبعث النبوي فيما جزم به الزبير بن بكار قال: هاجر وهو ابن عشر سنين وكذا قال الواقدي حيث قال: مات سنة أربع وثمانين. روى عن النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وروى عنه من الصحابة جابر وابن عباس وغيرهما.
(الثقات لابن حبان: ٣/ ٢٠٩)، و (التاريخ الكبير: ٥/ ٢)، و (الإصابة في تمييز الصحابة: ٤/ ١٨١).
(١٠) ساقط من ب (له)
(١١) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (٢٧٣٣ - ٣/ ١٤١) من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم. وابن أبي شيبة (٧٣٥١ - ٢/ ٣٤٣) موقوفًا عن عبد الله بن عمرو.
(١٢) في ب أفضل الأربع بدل من الأربع أفضل
(١٣) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٤٣، ٤٤٤.