للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: في تكرير شيخ الإسلام لفظ المثنى، وتوحيد الأربع إشارة إلى أن الخلاف في أن يأتي بالأربع بتسليمة أو بتسليمتين؛ لا أن يكون الخلاف بين الأربع والركعتين لا غير؛ لأنه حينئذ يكون الأربع أفضل بالاتفاق، والأربع قبل الظهر بتسليمة واحدة عندنا، ولو أوهما بتحريمتين لم يكن معتدًا من السنة، وعند الشافعي رحمه الله يؤديهما بتسليمتين، وهو أفضل، واحتج بما روى أبو هريرة رضي الله عنه (١)، عن النبي عليه السلام: «أنه كان يصليهن (٢) بتسليمتين» (٣)، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» (٤)، ولأنه متى صلى مثنى مثنى كان في ذلك زيادة تحريمة وتسليمة، فكان أفضل من الأربع التي ليس فيها زيادة تسليم وتحريمة (٥)، ودلنا ما روي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه (٦) أنه قال: «كان النبي عليه السلام يصلي بعد الزوال أربع ركعات، فقلت: ما هذه الصلاة التي تداوم عليها؟ فقال: هذه ساعة يفتح فيها أبواب السماء وأحب (٧) أن يصعد لي فيها عمل صالح، فقلت: أفي كلهن قراءة؟ فقال: نعم، فقلت: أبتسليمة أم بتسليمتين؟ فقال: بتسليمة واحدة» (٨)، (٩).


(١) هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، الملقب بأبي هريرة: صحابي، كان أكثر الصحابة حفظا للحديث ورواية له. نشأ يتيما ضعيفا في الجاهلية، وقدم المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر، فأسلم سنة ٧ هـ، ولزم صحبة النبي، فروى عنه ٥٣٧٤ حديثا، وولي إمرة المدينة مدة. وكان أكثر مقامه في المدينة وتوفي فيها سنة ٥٩ هـ.
(الإصابة في تمييز الصحابة: ٤/ ٣١٦)، و (تهذيب التهذيب: ١٢/ ٢٣٧)، و (تهذيب الكمال: ٣٤/ ٣٦٦).
(٢) في ب يصلي بدل من يصليهن
(٣) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (٢/ ٢١٥) بإسناد مختلف.
(٤) رواه أبو داود في سننه (١٢٩٧)، كتاب التطوع، باب في صلاة النهار. وابن ماجه في سننه (١٣٢٢)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة الليل والنهار مثنى مثنى. والنسائي في سننه (١٦٦٦)، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل. من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقال الشيخ الألباني: صحيح.
(٥) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٤٥.
(٦) هو: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، أبو أيوب الأنصاري، من بني النجار: صحابي، شهد العقبة وبدرًا وأحدًا والخندق وسائر المشاهد. وكان شجاعا صابرا تقيا محبا للغزو والجهاد. عاش إلى أيام بني أمية وكان يسكن المدينة، فرحل إلى الشام. ولما غزا يزيد القسطنطينية في خلافة أبيه معاوية، صحبه أبو أيوب غازيا، فحضر الوقائع ومرض فأوصى أن يوغل به في أرض العدو، فلما توفي دفن في أصل حصن القسطنطينية. له ١٥٥ حديثًا.
(الثقات لابن حبان: ٣/ ١٠٢)، و (الإصابة في تمييز الصحابة: ٢/ ٢٣٤)، و (الطبقات الكبرى: ٣/ ٤٨٤).
(٧) في ب فأحب بدل من وأحب
(٨) أخرجه أحمد في مسنده (٢٣٥٩٧ - ٥/ ٤١٨)، والطبراني في المعجم الأوسط (٢٦٧٣ - ٣/ ١٢١). وقال شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره، وإسناده ضعيف.
(٩) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٤٤.