للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الحكم في صلاة العشاء؛ لأن التنفل (١) بعد العشاء مشروع أيضًا، فإن قيل: أليس أن أداء النفل بجماعة خارج رمضان مكروه؟ قلنا: نعم، ولكن ذاك إذا كان الإمام والقوم يؤدون النفل، وأما إذا أدى الإمام الفرض، والقوم النفل لا بأس به بدليل ما روينا من الحديث (٢).

وأما الجواب عن فرضية القراءة في الركعات كلها على المقتدي المتنفل، وعدم فرضيتها في الأخريين على الإمام المفترض، وكذلك في القعدة الأولى، فقد مرّ ذكره فيما سبق، وإن أراد أن يكون فرض ما صلى مع الإمام، فالحيلة أن لا يقعد في الرابعة من صلاته التي أداها وحده، ويصلي الخامسة والسادسة، فيصير ذلك نفلًا له، ويكون فرضه ما صلى مع الإمام، وكذا بعد المغرب في ظاهر الرواية أي: لا يشرع في صلاة الإمام بعدما صلى المغرب، وعن أبي يوسف أنه قال: الأحسن أن يدخل مع الإمام ويصلي أربع ركعات يصلي ثلاث ركعات مع الإمام، فإذا فرغ الإمام قام، وأتم الرابعة أكثر ما فيه أن فيه نوع تغير إلا أن هذا التغير إنما وقع بسبب الاقتداء والتغير بسبب الاقتداء لا بأس به (٣) كمن أدرك الإمام في السجدة، فإنه يتابعه فيها، والسجود قبل الركوع غير مشروع، وكمن أدركه في القعدة، فإنه يتابعه فيها، والقعدة قبل أداء الأركان ليس بمشروع، وعنه في رواية أخرى يدخل في صلاة الإمام، ويسلم على رأس الثالثة مع الإمام؛ لأن هذا تغير وقع في التطوع بسبب الاقتداء فليس به بأس كما لو اقتدى بالإمام في الظهر بعدما صلاها، وترك الإمام القراءة في الأخريين فإنه يجوز صلاة المقتدى؛ لأنه تغير وقع بسبب الاقتداء، وعندنا إن دخل في صلاة الإمام فعل كما قال أبو يوسف رحمه الله في الرواية الأولى بأن يتم أربعًا؛ لأن مخالفة الإمام أهون من مخالفة السنة، كذا في «المحيط» (٤)، و «الجامع الصغير» لقاضي خان (٥).

وفي جعلها أربعًا مخالفة لإمامه، فإن قلت: هذه مخالفة بعد (٦) فراغ الإمام من صلاته، فليس به بأس كالمقيم إذا اقتدى بالمسافر كالمسبوق فإنهما يقومان بعد فراغ الإمام (٧).


(١) - في ب النفل بدل من التنفل
(٢) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٧٤.
(٣) في الأصل هامش: الذي في أواخر الإمامة مع اقتداء المفترض بالتنفل.
(٤) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٧٤، ١٧٥.
(٥) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٧٤.
(٦) - في ب بعدما بدل من بعد
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٧٤.