للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: يحتمل أن يكون (١) ذلك قبل النهي، ويحتمل أنه إنما سكت؛ لأنه لم يكن وقت التعليم، وليس في الحديث أنه لم يُعلمه بعده، والنبي عليه السلام كان لما يشتغل بالتعليم في كل/ وقت، كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كان رسول عليه السلام يعظنا أحيانًا مخافة السامة علينا» (٢)، كذا ذكره الإمام المحبوبي رحمه الله (٣).

قوله:(٤) والوعيد بالترك ألزم. قال عليه السلام: «لقد همت أن استخلف من يصلي بالناس فانظر إلى من لم يحضر الجماعة فأمر بعض الفتيان بأن يحرقوا بيوتهم» (٥)، ولم يذكر في الكتاب أنه كان يرجوا إدراك القعدة كيف يفعل فظاهر ما ذكرنا في الكتاب يدل على أنه يدخل مع الإمام؛ لأنه قال: إن خاف أن يفوته الركعتان يدخل مع الإمام (٦). وحكي عن الفقيه أبو جعفر رحمه الله أنه قال على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمه الله: يصلي ركعتي الفجر؛ لأن إدراك التشهد عندهما كإدراك الركعة أصله مسألة الجمعة، وحكي عن الفقيه إسماعيل الزاهد رحمه الله أنه كان يقول: ينبغي أن يشرع في السنة، ثم يقطعها، ويدخل مع الإمام حتى يلزمه بالشروع، فيتمكن من القضاء بعد الفجر (٧)، (٨).

قال الإمام السرخسي رحمه الله: وليس هذا بقوي فإن ما وجب بالشروع لا يكون أقوى مما وجب بالنذر، وقد نص محمد رحمه الله: أن المنذور لا يؤدي بعد الفجر قبل الطلوع، ثم هذا أيضًا أمر بالإتيان (٩) على قصد أن يقطعها، وهذا غير مستحسن شرعًا كذا ذكره الإمام التمرتاشي، وقاضي خان (١٠)، بخلاف سنة الظهر حيث يتركها في الحالين، أي: يترك سنة الظهر حال خوف فوت كل فرض الظهر، وحال خوف فوت البعض وهو الصحيح احتراز عن قول بعضهم أنه لا يقضيها، وهذا غير سديد للحديث: «من فاتته الأربع قبل الظهر قضاها بعده» (١١) ذكر الإمام التمرتاشي هو المروي عن النبي عليه السلام، وهو قوله عليه السلام: «نوَّروا بيوتكم بالصلاة ولا تجعلوها قبورًا»، ولذلك أفتى الفقيه أبو جعفر بأن التطوع في المساجد حسن، وفي البيت أفضل، وكان يقول: كانت جميع السنن والوتر لرسول الله عليه السلام في بيته (١٢). وفي الجامع الأصغر (١٣): إذا صلى الرجل المغرب في المسجد بالجماعة يصلي ركعتي المغرب في المسجد إذا كان يخاف أنه لو رجع إلى بيته يشتغل بشيء، وإن كان لا يخاف، فالأفضل أن يصلي في بيته لقوله عليه السلام: «خير صلاة الرجل في المنزل إلا المكتوبة» (١٤).


(١) - ساقط من ب (يكون)
(٢) رواه البخاري في صحيحه (٧٠)، كتاب العلم، باب من جعل لأهل العلم أياما معلومة. ومسلم في صحيحه (٢٨٢١)، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب الاقتصاد في الموعظة.
(٣) انظر: كشف الأسرار: ١/ ٢٥.
(٤) بياض في الأصل.
(٥) رواه البخاري في صحيحه (٢٢٨٨)، كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصومات من البيوت. ومسلم في صحيحه (٦٥١)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٦) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٧٦.
(٧) في الأصل هامش: ولو افتتح ركعتي الفجر، قبل صلاة الفجر، وأفسدها ثم قضاها بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس قيل: يجوز، وفيه نظر، والأصح أنه لا يجوز، والأحسن أن يشرع في السنة ثم يكبر للفريضة، فلا يكون مفسدا للعمل، ويكون متنفلًا من عمل إلى عمل «فتاوى ظهرية».
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٧٥.
(٩) - في ب الافتتاح بدل من بالاتيان
(١٠) انظر: حاشية ابن عابدين: ٢/ ٥٧، والبحر الرائق: ٢/ ٧٩.
(١١) رواه ابن ماجه في سننه (١١٥٨)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من فاتته الأربع قبل الظهر. من حديث عائشة رضي الله عنه. قال الألباني: ضعيف.
(١٢) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٧٧، والمحيط البرهاني: ٢/ ١٦٥.
(١٣) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٦٥.
(١٤) سبق تخريجه ص ()