للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن للزيادة إذا كانت دون الركعة، وقد حصلت عمدًا هل يفسد الفرض أم لا؟ عندنا لا تفسد، وعنده تفسد، واحتج بما روي عن النبي عليه السلام «أنه صلى الظهر خمسًا» (١)، ولم ينقل أنه قعد في الرابعة، ولا أنه زاد في صلاته ما ليس بصلاة ساهيًا، فلا تفسد صلاته، كما لو أتى بما دون (٢) الركعة، ولا يلزم ما إذا قام عامدًا؛ لأن الفرق ثابت بين فعل يوجد ساهيًا، وفعل يوجد عامدًا كما في السلام (٣). ولنا أنه اشتغل بالنفل قيل إكمال الفرض فتفسد صلاته كما لو صلى ركعتين؛ وذلك لأن القعدة الأخيرة فرض، والركعة الخامسة نفل لا محالة، ومن ضرورة استحكام شروعه في النفل خروجه من الفرض، والخروج من قبل إكماله مفسدًا له بخلاف ما قبل تقييد الركعة بالسجدة؛ لأن ما دون الركعة ليس لها حكم الصلاة بدليل مسألة اليمين حيث لا يحنث بذلك القدر (٤).

وأما الركعة الواحدة فصلاة لوجود الأركان فيها، ولا يشكل على هذا وجوب ختم الثانية لما أنها شرعت لإتمام الأولى لا لوجودها، والتمام صفة للشيء، ووجود الشيء لا يقف على وجود الصفة، وتأويل الحديث أنه كان قعد قدر التشهد في الرابعة بدليل أنه قال: «صلى الظهر خمسًا» (٥)، والظهر اسم لجميع أركان الصلاة، ومنها القعدة، وإنما قام إلى الخامسة على ظن (٦) أن هذه القعدة هي القعدة الأولى حملًا لفعل رسول الله عليه السلام على ما هو أقرب إلى الصواب، وفرقه بين العمد، والسهو لا تصح (٧)؛ لأن ما هو المفسد يستوي فيه العمد والسهو، والشروع في النافلة على وجه الاستحكام قبل تمام الفرض مفسد، فلا يتوقف إلى العمد (٨). كذا في المبسوطين (٩).

وتحولت صلاته نفلًا عند أبي حنيفة، وأبي يوسف خلافًا لمحمد رحمه الله على ما مرّ، أي: في باب قضاء الفوائت، وإنما تبطل صلاته هاهنا عند محمد لمعنيين مختلفين: أحدهما: لمعنى قبل التحول، والثاني (١٠): لمعنى بعد التحول (١١).


(١) رواه البخاري في صحيحه (١١٦٨)، كتاب أبواب ما جاء في السهو، باب إذا صلى خمسًا. ومسلم في صحيحه (٥٧٢)، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له. من حديث عبد الله رضي الله عنه.
(٢) - في ب يدون بدل من دون
(٣) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٩.
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤١٧.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) - في ب تقدير بدل من ظن
(٧) - في ب لايصح بدل من لاتصح
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٠.
(٩) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤١٧.
(١٠) - في ب الثالث بدل من الثاني
(١١) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٩.