للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما المعنى الأول: فهو ما ذكر في باب قضاء الفوائت أن للصلاة جهة واحدة عنده، فإذا فسدت صفة الفرضية بطل/ أصل الصلاة.

وأما الثاني: فهو أن صلاته لو لم يفسد أصلًا هاهنا يصير تطوعًا، وترك القعدة على رأس الركعتين في التطوع مفسد للصلاة عنده، وإذا بطلت صلاته لا يضيف إلى الخامسة ركعة أخرى، وعندهما ترك القعدة على رأس الركعتين في التطوع لا يفسد الصلاة (١) فبقيت التحريمة فيضيف إليها ركعة أخرى عندهما حتى يصير متنفلًا بستّ ركعات؛ لأن النفل شرع شفعًا لا وترًا. كذا في «المحيط» (٢).

وهل يسجد للسهو عندهما؟ اختلفوا فيه، والأصح أنه لا يسجد؛ لأن النقصان بالفساد لا يجبر بالسجود، كذا ذكره الإمام التمرتاشي (٣). ولو لم يضم لا شيء عليه؛ لأنه مظنون، والمظنون غير مضمون، ولكن (٤) لو اقتدى به إنسان، ثم قطعها المقتدي يلزمه قضاء ست ركعات عند أبي حنيفة، وأبي يوسف فرق أبو يوسف بين هذا، وبين الفصل الثاني حيث قال هناك: لو قطعها يقضي ركعتين على ما نبين إن شاء الله تعالى، ثم إنما (٥) يبطل فرضه بوضع الجبهة عند أبي يوسف، وعند محمد يرفعه (٦).

وقال فخر الإسلام في «الجامع الصغير» (٧): والمختار للفتوى قول محمد؛ لأنه أوفق وأقيس؛ لأن السجود لو تم قبل الرفع، وجعل دوامه كتكراره (٨) لم ينقضه الحدث، يعني: بالاتفاق أن الحدث ينقض كل ركن وجد هو فيه حتى لو توضأ، وبني على صلاته يجب عليه إعادة ذلك الركن الذي وجد فيه الحدث، ولو تم السجود بالوضع لما احتيج إلى إعادته كما لو وجد الحدث بعد الرفع، وثمرة الاختلاف تظهر فيما إذا سبقه الحدث في السجود بني عند محمد خلافًا لأبي يوسف، وقد حكى أنه ذكر قول محمد بين يدي أبي يوسف فقال: زِهْ (٩) صلاة فسدت يصلحها الحدث (١٠)، وذكر في «الفوائد الظهيرية»، وهذه المسألة تسمى مسألة زِهْ بزاء مكسورة منقوطة من فوقها بنقطة واحدة، وهي كلمة استعجاب ألا أنها استعجاب بطريقة التهكم، وإنما قال أبو يوسف هذا لغيظ لحقه من محمد، وهو أنه روي أن محمدًا مر بمسجد عامر قد راثت فيه الدواب، وبالت فيه الكلاب، فقال: هذا مسجد أبي يوسف؛ لأن مثل هذا يبقى مسجدًا إلى قيام الساعة عنده؛ لكون الوقف تحريرًا عنده، وعند محمد يعود إلى ملك الواقف في حياته، وإلى ورثته بعد وفاته (١١).


(١) - في ب التطوع بدل من الصلاة
(٢) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣.
(٣) انظر: تبيين الحقائق: ١/ ١٩٦.
(٤) - ساقط من ب (ولكن)
(٥) - ساقط من ب (إنما)
(٦) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٤.
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١١.
(٨) في ب كتكرره بدل من كتكراره
(٩) زه، بِالْكَسْرِ والسكون: كلمة اسْتِعْجَابٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ (المغرب في ترتيب المعرب (ص ٢١٣)
(١٠) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٥١١.
(١١) انظر: حاشية الطحاوي: ١/ ٣٠٣.