للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الجامع الصغير لقاضي خان: وكل ما ذكرنا في الظهر فكذلك في العصر، والعشاء؛ لأنه صار متنفلًا بست ركعات قبل العصر، وفي صلاة الفجر يقطع سواء قعد على رأس الثانية أو لم يقعد؛ لأن التنفل قبل الفجر، وبعده مكروه سوى ركعتيها (١)، ولو قعد في الرابعة، ثم قام، أي: ساهيًا، ثم شرع في بيان القسم الثاني، وهو ما إذا قعد في الرابعة، ثم قام ساهيًا، وذكر هذا القسم مقدمًا على القسم الآخر في غير هذا الكتاب، وأخّر هنا؛ لأن ما ذكر أولًا أحوج إلى البيان لتعلق فساد الصلاة به بخلاف هذا القسم، ثم إنما يعود هاهنا إلى القعدة مع أنه لو لم يعد تجوز صلاته ليأتي بالسلام؛ إذ إصابة لفظ السلام فرض عند الشافعي، وواجب عندنا (٢)؛ لأن التسليم في حالة القيام غير مشروع، أي: في الصلاة المطلقة، ومع ذلك لو سلم قائمًا لا تفسد صلاته، وإذا عاد لا يعيد التشهد، وكذا لو قام عامدًا ثم القوم (٣) هل يتبعونه؟ قيل: فيتبعونه (٤)، فإن عاد عادوا معه، وإن مضى في النافلة اتبعوه؛ لأن صلاتهم تمت بالقعدة. والصحيح: ما ذكره البلخي، عن علمائنا: فإنهم لا يتبعونه؛ لأنه ليس في البدعة اتباع، وإن عاد قبل تقييد الخامسة بالسجدة اتبعوه في السلام، فإن قيّد سلموا في الحال كذا ذكره صاحب «المحيط» (٥)، والتمرتاشي (٦)، وإن قيّد بالخامسة بالسجدة، ثم تذكر ضم إليها ركعة أخرى هذا لفظ «الجامع الصغير» (٧).

ولم نذكر أنه على معنى التخيير أم على معنى الاستحباب أو الإيجاب؟ وفي الأصل ما يدل على الوجوب، فإنه قال فيه (٨): عليه أن يضيف، وكلمة على الإيجاب، وإذا أضاف إليها ركعة أخرى يتشهد ويسلم، ويسجد سجدتي السهو، ثم يتشهد ويسلم، وإنما وجب سجدتا السهو؛ لأنه ترك لفظ السلام، وإصابة لفظة السلام واجبة حتى أنه إذا شك في صلاته، فلم يدر أصلى ثلاثًا أو أربعًا، فشغله بفكره حتى أخّر السلام لزمه سجود السهو، والضمان إنما يجب بتأخير الواجب، وقد ترك هاهنا، ثم هذا جواب الاستحسان/ والقياس أن لا يلزمه سجود السهو؛ لأن هذا سهو وقع في الفرض، وقد انتقل منه إلى النفل، ومن سها في صلاة لا يجب عليه أن يسجد في صلاة أخرى، ووجه الاستحسان أنه انتقل من الفرض إلى النفل إلا أن النفل بناء على التحريمة الأولى، فيجعل في حق وجوب سجدة السهو كأنها صلاة واحدة، وهذا كمن صلى ست ركعات تطوعًا بتسليمة واحدة، وقد سها في الشفع لأول يسجد للسهو في آخر الصلاة، وإن كان كل شفع من التطوع كصلاة على حدة لكن كلها في حق التحريمة صلاة واحدة قالوا: وهذا القياس، والاستحسان بناء على مسألة أخرى، وهي أن المسبوق إذا اشتغل بقضاء ما فاته، ولم يتابع الإمام في سجود السهو هل يسجد في آخر الصلاة؟ القياس أن لا يسجد؛ لأن السهو وقع في صلاة الإمام فهو انتقل إلى صلاة أخرى، وفي الاستحسان يجب؛ لأن صلاته بناء على صلاة الإمام، فيجعل كأنها صلاة واحدة في حق وجوب سجدة السهو. كذا في هذا قيل: هذا القياس، والاستحسان على قول محمد؛ لأن عنده (٩) سجود السهو في هذه الصلاة لنقصان يمكن في الفرض بترك السلام، وأما عند أبي يوسف وجوبه لنقصان يمكن في النفل، فكان واجبا قياسًا، واستحسانًا، كذا في «المحيط» (١٠).


(١) انظر: مجمع الأنهر: ١/ ٢٢٣.
(٢) ينظر: الحاوي الكبير ٢/ ١٤٣، فتح العزيز ٣/ ٥٢٠.
(٣) - زيادة من ب (ثم القوم)
(٤) - ساقط من ب (قيل: فيتبعونه)
(٥) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٥١١.
(٦) انظر: البحر الرائق: ٢/ ١١٣.
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١١.
(٨) - ساقط من ب (فيه)
(٩) - في ب عند بدل من عنده
(١٠) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٥٧، ٢٥٨.