للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن شك في صلاته فلم (١) يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا وذلك أول ما عرض له استأنف للحديث بهذا اللفظ، ولأن الاستقبال لا يريبه، والمضي بعد الشك يريبه (٢)، وقد قال عليه السلام: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (٣).

ولأنه قادر على إسقاط ما عليه من الفرض بيقين من غير مشقة فيلزمه ذلك قياسًا على ما لو شك في أصل الصلاة أنه صلى أم لم يصل، وهو في الوقت لزمه أن يصلي، وقياسًا على ما لو ترك (٤) صلاة واحدة من يوم وليلة، ولا يدري أية (٥) صلاة هي فإنه يصلي خمس صلوات حتى يخرج عما عليه بيقين، فكذا هنا (٦)، ثم اختلف المشايخ في معنى قوله: أول ما عرض له أو أول ماسها. قال بعضهم: معناه أن السهو ليس بعادة له لا أنه لم يسه/ في عمره قط، وقال بعضهم: معناه أول سهو وقع له في عمره، ولم يكن سها في صلاة قط من حين بلغ، وقال بعضهم: أول سهو وقع له في تلك الصلاة، والأول أشبه، وإن وقع الشك في صلاة الفجر، فلم يدر أنها الركعة الأولى أم الثانية، وهو قائم يتحرَّى في ذلك فإن وقع تحريه على شيء عمل به، وإن لم يقع تحريه على شيء، وهو قائم يبني على الأقل (٧)، ويجعلها أولى (٨) فيتم تلك الركعة ثم يقعد لجواز أنها ثانيته (٩)، ثم يقوم ويصلي ركعة أخرى، ويقعد لجواز أن ما صلى كانت أولى، وهذه ثانيته (١٠) ثم يسلم؛ لأنها ثانيته (١١) حكمًا، وإن شك فيها أنها ثانيته (١٢) أو ثالثته (١٣) عمل بالتحري كما ذكرنا (١٤). وإن لم يقع تحريه على شيء، وكان قائمًا فإنه يقعد في الحال، ولا يركع لجواز أنها ثالثته، فلو قلنا: بأنه يمضي، ولا يقعد فقد ترك القعدة على رأس الركعتين فتفسد صلاته ثم يقوم، ويصلي ركعة أخرى، ويقعد لجواز أن القيام الذي رفضه بالقعود ثانيته، وقد ترك ذلك فعليه أن يصلي ركعة أخرى حتى يتم صلاته، وإن كان قاعدًا، والمسألة بحالها يتحرى، فإن وقع تحريه أنه قعد على رأس الركعتين يمضي على صلاته، وإن وقع تحريه أنه لم يقعد على رأس الركعتين فسدت صلاته؛ لأن القعدة على رأس الركعتين فرض، وإن لم يقع تحريه على شيء (١٥) فسدت صلاته أيضًا؛ لأن صلاته دارت (١٦) بين الصحة، والفساد فيفسد احتياطًا، وإن وقع الشك في ذوات الأربع أنها الأولى أم الثانية، عمل بالتحري، فإن لم يقع تحريه على شيء يبني على الأقل (١٧) فيجعلها أولى ثم يقعد لجواز أنها ثانيته، والقعدة فيها واجبة ثم يقوم، ويصلي ركعة أخرى، ويقعد لجواز أنها رابعته ثم يقوم، ويصلي ركعة أخرى، ويقعد لأنا جعلناها في الحكم رابعته (١٨)، والقعدة على رأس الرابعة فرض، وإن وقع الشك في ذوات الثلاث فهو على قياس ما ذكرنا، وهذا كله إذا وقع الشك في الصلاة فأما إذا وقع الشك بعد الفراغ من الصلاة بأن شك بعد السلام مثلًا في ذوات الأربع أنه صلى ثلاثًا أو أربعًا، فهذا عندنا على أنه أتم الصلاة حملًا لأمره على الصلاح، وهو الخروج عن الصلاة، ولو شك بعدما فرغ من التشهد في القعدة الأخيرة على نحو ما بينا فكذلك الجواب على أنه أتم صلاته. كذا في «المحيط» (١٩)، و «الذخيرة» (٢٠).


(١) - ساقط من ب (فلم).
(٢) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥١٨.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، باب تفسير المشبهات (٣/ ٥٣) موقوفاً على حسان بن أبي سنان.
وأخرجه الترمذي في سننه (٤/ ٦٦٨) برقم (٢٥١٨)، وقال: "وهذا حديث صحيح"، والنسائي في سننه، باب الحث على ترك الشبهات (٨/ ٣٢٧) برقم (٥٧١١) قال الألباني: صحيح.
(٤) - ساقط من ب (لو شك في أصل الصلاة أنه صلى أم لم يصل، وهو في الوقت لزمه أن يصلي، وقياسًا على ما لو ترك).
(٥) - في ب أنه بدل من أيه.
(٦) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٢.
(٧) في ب الأدل بدل من الأقل.
(٨) في ب الأولى بدل من أولى.
(٩) في ب ثانية بدل من ثانيته.
(١٠) في ب ثانية بدل من ثانيته.
(١١) ساقط من ب (ثم يسلم؛ لأنها ثانيته).
(١٢) في ب ثانية بدل من ثانيته.
(١٣) في ب ثالثه بدل من ثالثته.
(١٤) انظر: الفتاوى الهندية: ١/ ١٣٠.
(١٥) ساقط من ب (وكان قائمًا فإنه يقعد في الحال، ولا يركع لجواز أنها ثالثته، فلو قلنا: بأنه يمضي، ولا يقعد فقد ترك القعدة على رأس الركعتين فتفسد صلاته ثم يقوم، ويصلي ركعة أخرى، ويقعد لجواز أن القيام الذي رفضه بالقعود ثانيته، وقد ترك ذلك فعليه أن يصلي ركعة أخرى حتى يتم صلاته، وإن كان قاعدًا. والمسألة بحلها يتحرى، فإن وقع تحريه أنه قعد على رأس الركعتين يمضي على صلاته، وإن وقع تحريه أنه لم يقعد على رأس الركعتين فسدت صلاته؛ لأن القعدة على رأس الركعتين فرض، وإن لم يقع تحريه على شيء).
(١٦) ساقط من ب (دارت).
(١٧) في ب الأول بدل من الأقل.
(١٨) في ب رابعة بدل من رابعته.
(١٩) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٤.
(٢٠) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٥٢٠.