للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن لم يقدر على الإيماء) (١) أي: أحق بقبول عذر التأخير هو الصحيح كفاية لا عذر للإسقاط، وعلى قول من يقول] (٢) بعدم القضاء، وهو الأصح، أي: أحق بقبول عذر الإسقاط لما روينا من قبل، أي: من حديث عمران بن الحصين (٣). (٤).

(إلا أن الأولى هي الأولى) (٥) أي: الفعلة الأولى، أو الهيئة الأولى، وهي الاستلقاء على ظهره وقفاه، وإنما أنثه، وإن كان الضمير راجعًا إلى الاستلقاء؛ ليزاوج (٦) الأولى خطأ، وقال الشافعي -رحمه الله- (٧): (يضجع على جنبه الأيمن ويُوَجّه نحو القبلة)، واحتج بحديث عمران ابن الحصين؛ ولأنه إذا اضجع على جنبه يكون وجهه إلى القبلة فهو أولى، كما إذا احتضر يضجع على شقه الأيمن، وكذلك في القبر، واحتج أصحابنا بما روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (٨) وهو حديث المريض الذي ذكر في الكتاب (٩)؛ ولأن شرط المصلي أن يصلي إلى القبلة، والصلاة بالإيماء ما له فعل غير [الإيماء] (١٠)، الإيماء إنما يقع إلى الكعبة على ما قلنا. ألا ترى أنه لو حققه كذلك سجودًا كان إلى القبلة، وعلى ما قاله الخصم؛ لو حقّقه كان إلى يسار الكعبة، وإنما يقع توجه البدن إلى الكعبة، والشرط (١١) أداء الصلاة إلى الكعبة لا البدن بدون الأداء، فالخصم مال (١٢) إلى ظاهر التوجه ببدنه، كما في الميّت، ونحن إلى التوجه مصليًا، وهذا (١٣) أولى؛ لأنه شرط الصلاة، وما به من العجز على شرف الزوال إلا أنه أبطن، بخلاف ما إذا احتضر، وما بعد الموت؛ لأنه ليس حالة الصلاة، وحديث عمران بن الحصين قبل المرض الذي به كان مأسورًا، فلا يمكنه أن يستلقي على قفاه (١٤)، وقيل: معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فعلى الجنب» (١٥)، أي ساقطًا على الأرض، كقوله تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} (١٦) أي: سقطت، والمستلقي ساقط على الأرض (١٧). كذا في «المبسوطين» (١٨)، (١٩)، و «الأسرار» (٢٠).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية ١/ ٧٧.
(٢) ما بين معكوفين ساقط من (ب).
(٣) سبق تخريجه (ص ٥٩).
(٤) ينظر: البحر الرائق ٢/ ١٢٤، تبيين الحقائق ١/ ٢٠١.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية ١/ ٧٧.
(٦) في (ب): "إمداد".
(٧) ينظر: روضة الطالبين: ٢/ ١٣٥.
(٨) عبدالله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي الصحابي المشهور. ولد سنة ثلاث من المبعث النبوي فيما جزم به الزبير بن بكار قال: هاجر وهو ابن عشر سنين وكذا قال الواقدي حيث قال: مات سنة أربع وثمانين. له في كتب الحديث ٢٦٣٠ حديثًا. ينظر: الثقات لابن حبان ٣/ ٢٠٩، التاريخ الكبير ٥/ ٢، الإصابة في تمييز الصحابة ٤/ ١٨١.
(٩) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (١٢/ ٢٦٩ - رقم ٢٧٠): من حديث حفص بن سليمان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن ابن عمر قال: «عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلًا من أصحابه مريضًا وأنا معه، فدخل عليه وهو يصلي على عود فوضع جبهته على العود فأومأ إليه فطرح العود، وأخذ وسادة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ادعها عنك إن استطعت أن تسجد على الأرض، وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك».
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٢/ ٣٤٧: فيه حفص بين سليمان المنقري وهو متروك، واختلفت الرواية عن أحمد في توثيقه، والصحيح: أنه ضعفه والله أعلم.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) الشرط: ما يتوقف عليه الشيء ولا يدخل فيه. ينظر: الدر المختار ١/ ٤٠٢.
(١٢) في (ب): "قال".
(١٣) في (ب): "وهو".
(١٤) ينظر: تبيين الحقائق ١/ ٢٠١).
(١٥) سبق تخريجه (ص ٥٩).
(١٦) سورة الحج من الآية: (٣٦).
(١٧) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ١٢/ ٦٢.
(١٨) في (ب): "المبسوط".
(١٩) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٣٩١، ٣٩٢.
(٢٠) ينظر: كشف الأسرار: ٢/ ٤٣٧.