للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم إذا عجز المريض عن الإيماء برأسه، فلا شيء عليه عندنا (١)، وقال زفر (٢) والحسن (٣) -رحمهما الله-: يومئ بعينيه، فإن عجز عن ذلك أيضًا قال زفر: وحده يومئ بقلبه؛ لأنه وُسْع مثله.

لكنا نقول: الإيماء يكون بالرأس، وإما بالعينين، فيكون إيحاء، أي: إشارة لا إيماء، وبالقلب يكون نية، وبمجرّد النية لا تتأدّى الصلاة.

[١٢٩/ ب] ولأنّ/ الإيماء بالرأس إنما عرف صلاة شرعًا بخلاف القياس بدليل أنّ التطوع مما (٤) لا يوجد به حالة الاختيار، والتطوّع أصل الصلاة، وما شرع بخلاف القياس لا يقاس عليه غيره (٥)، وعن أبي يوسف -رحمه الله- (٦): أن المريض إذا عجز عن الإيماء بالرأس يومئ بعينيه، ولا يومئ بقلبه، وسئل محمد (٧) عن ذلك؟ فقال: (لا أشك أن الإيماء بالرأس يجوز، ولا شك أنّ الإيماء بالقلب لا يجوز، وإنك (٨) في الإيماء بالعين أنه [بل] (٩) يجوز). كذا في «المبسوطين» (١٠) (١١) و «المحيط» (١٢).


(١) ينظر: الفتاوى الهندية: ١/ ١٣٧.
(٢) زفر بن الهذيل بن قيس بن العنبر، كنيته أبو الهذيل الكوفي، وكان من أصحاب أبي حنيفة، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، روى عنه شداد بن حكيم البلخي، وأهل الكوفة، وكان زفر متقنًا حافظًا قليل الخطأ لم يسلك مسلك صاحبه في قلة التيقظ في الروايات، وكان أقيس أصحابه وأكثرهم رجوعًا إلى الحق إذا لاح له، ومات بالبصرة وكان أبوه من أصبهان، وكان موته في ولاية أبي جعفر. ينظر: ثقات ابن حبان: ٦/ ٣٣٩، الجواهر المضية: ١/ ٢٤٣، وفيات الأعيان: ٢/ ٣١٧.
(٣) الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، أبو علي: قاض، فقيه، من أصحاب أبي حنيفة، أخذ عنه وسمع منه، وكان عالمًا بمذهبه بالرأي. ولي القضاء بالكوفة سنة ١٩٤ هـ، ثم استعفى. نسبته إلى بيع اللؤلؤ. وهو من أهل الكوفة، نزل ببغداد، توفي سنة ٢٠٤ هـ. من كتبه: «أدب القاضي»، و «معاني الإيمان»، و «النفقات»، و «الخراج»، و «الفرائض»، و «الوصايا»، و «الأمالي». ينظر: تاريخ بغداد: ٧/ ٣١٤، سير أعلام النبلاء: ٩/ ٥٤٣، الأعلام للزركلي: ٢/ ١٩١.
(٤) في (ب): "بما".
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٣٩٨، الجوهرة النيرة: ١/ ٨٠.
(٦) سبق ترجمته (ص ٥٨).
(٧) سبق ترجمته (ص ٥٨).
(٨) في (ب): "والشك".
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٣٩٨.
(١١) هما مبسوط الشيباني ومبسوط السرخسي.
(١٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٧٣.