للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإذا تلا المأموم لم يسجد الإمام ولا المأموم) (١)، وحاصل هذا أنّهم [أجمعوا على] (٢) أنّهم لا يسجدون في الصّلاة في هذه الصورة وأجمعوا أيضًا على أنّهم إذا سمعوا السجدة ممن (٣) ليس في صلاتهم أنّهم يسجدون بعد الفراغ من الصلاة، ولا يسجدون في الصلاة احتج محمد -رحمه الله- بأنه وجد سبب وجوبها، وقد عجز عن أدائها في الصلاة، وأمكنه الإقامة خارج الصلاة، فيسجدها بعد الفراغ قياسًا على ما لو سمع من غيره، وهو في الصلاة (٤).

قوله: ([و] (٥) يؤدي إلى خلاف موضوع الإمامة) (٦)؛ أي: على تقدير أن يسجد التالي أولًا، ويتابعه الإمام انقلب المتبوع تبعًا والتبع متبوعًا، وإن لم يتابعه الإمام كان هو مخالفًا لإمامه (٧).

قوله: (أو التلاوة) (٨) أي: على تقدير أن يسجد الإمام أولًا، ويتابعه التالي؛ كان هذا خلاف موضوع سجدة التلاوة، فإنَّ التالي أمام السامعين، فيجب أن يتقدم سجود التالي قال - صلى الله عليه وسلم - للتالي: «كنت إمامنا لو سجدت لسجدنا» (٩)، ولهذا كانت السُّنة [أن] (١٠) يتقدّم التالي للسجدة، ويصطفون خلفه، ولهما حرفان:

أحدهما: أنّ الإمام يحمل عن المقتدي فرض القراءة، كما تحمّل عنه موجب السهو، ثم سهو المقتدي يتعطّل، فكذلك تلاوته.

والثاني: أن هذه السجدة صلاتية؛ لأن سببها تلاوة من شاركهم في الصلاة، والصلاتية إذا لم تؤدّ في الصلاة لا تؤدي بعد الفراغ منها، كما لو تلاها الإمام ولم يسجد في الصلاة بخلاف ما إذا سمعوا ممن ليس معهم في الصلاة؛ لأنها ليست بصلاتية.

ألا ترى أن المقتدي إذا فتح على إمامه لم تفسد به الصلاة، ومن ليس معه في الصلاة إذا فتح له المصلي فسدت صلاته، وبه ظهر الفرق، بخلاف الجنب، فإنه ممنوع عن القراءة غير مولّى عليه في القراءة لو المولّى عليه في التصرف لا يتعلّق بتصرفه حكم، وطرديتهما فيه أن سبب وجوب التلاوة قد وجد إلا أنه عاجز عن أدائها في الصلاة، وخارج الصلاة فلا تجب عليه قياسًا على المريض، وإذا سمع آية التلاوة، وهو عجز عن أدائها بالإيماء، فلا يجب أصلًا، فكذا هنا أما عجزه عن أدائها في الصلاة فظاهر.


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٨.
(٢) ما بين معكوفين ساقط من (ب).
(٣) في (ب): "من".
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤.
(٥) [ساقط] من (أ).
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٨.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤.
(٨) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٨.
(٩) سبق تخريجه (ص ٨٠).
(١٠) [ساقط] من (ب).