للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما خارج الصلاة، فلأنها وجبت صلاتية، فلا تؤدّى خارج الصلاة، فصح أنه عاجز عن أدائها في الصلاة، وخارج الصلاة، وهذا بخلاف ما لو سمع من رجل ليس في صلاته؛ لأنها لم تجب لما هو من أفعال الصلاة؛ لأنها وجبت لسماعه تلاوة ذلك الرجل، وسماعه ذلك ليس من أفعال صلاته؛ [لأنها وجبت] (١)، فلا تكون صلاتية. كذا في «المبسوطين» (٢)، و «المحيط» (٣).

[١٣٢/ ب] وتصرف المحجور لا حكم له بخلاف الجنب، وإنّما قلنا: إن المقتدي محجور عن القراءة بدليل أنه نفذ (٤) قراءة الإمام عليه، قال: من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة، وذلك دليل الولاية عليه، والولاية دليل حجر (٥) المولى عليه، وتصرف المحجور عليه لا ينعقد لحكمه كسائر تصرفاته، بخلاف قراءة الجنب والحائض؛ لأنهما ليسا بموليين، فلا يكونان محجورين، بل هما منهيان والتصرفات المنهي عنها ينعقد؛ لحكمها لما عرف من أصلنا أن المنهي في الأفعال الشرعية لا يُعدم المشروعية/ وذلك لأنّ أثر الحجر في منع الاعتبار، وأثر النهي في تحريم الفعل دون ترك الاعتبار على أنّا نقول: الجنب والحائض ليسا ممنوعين عن قراءة ما دون الآية على ما ذكره الطحاوي، وذلك القدر كافٍ لتعلق الوجوب، وأما المقتدي فممنوع عن قراءة ما دون الآية، ومحجور عليه على ما مرّ، فوضح الفرق بهذا بين المقتدي والجنب. إلى هذا أشار في «المحيط» (٦).

إلا أنّه لا يجب على الحائض بتلاوتها، كما لا يجب بسماعها؛ لانعدام أهلية الصلاة بخلاف الجنب؛ وذلك لأنّ السّجدة ركن من الصلاة، والحائض لا يلزمها الصلاة مع تقررّ السبب، وهو شهود الوقت، فلا يلزمها السجدة أيضًا بخلاف الجنب، فإنّه يلزمه الصلاة بسبب الوقت، فيلزمه السجدة بالتلاوة أو (٧) بالسّماع، كذا في «المبسوط» (٨).

وذكر في «الإيضاح» (٩) و «المحيط» (١٠): وكل من لا تجب عليه الصلاة، ولا قضاء الصلاة كالحائض، والنفساء، والكافر، والصبي، والمجنون، فلا سجود عليهم؛ لأنّ السجدة من أركان الصلاة، فلا تجب على من لا يجب عليه سائر الأركان، وأمّا السامع من هؤلاء يجب عليه إذا كان أهلًا لوجوب الصلاة عليه لتحقق السماع؛ إذ ليس فيه أكثر من كون التالي منهيًّا عن القراءة إلا أن النهي عن التصرف لا يمنع اعتباره في منع الحكم في حق الأهل، والتالي ليس بأهل لما ذكرنا، والسامع أهل، فيجب عليه السجدة.


(١) ما بين المعكوفين ساقط من (أ).
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٧.
(٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٧.
(٤) في (ب): "يعد".
(٥) في (ب): "عجز".
(٦) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٧، ٦٨.
(٧) في (ب): "و".
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٦.
(٩) ينظر: نور الإيضاح: ص ٨٢.
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٥٦، ٥٧.