للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وإنما اتحد المجلس هنا، وإن خطأ، بسير البغلة أكثر من ثلاث خطوات؛ لأنهم لما اتخذوا الدكانين قصدًا لأجل تعليم القرآن، كان كله مجلس التلاوة، ولم يختلف مجلس التلاوة كالملجلس الذي يسع مقدار … الناس لا يكون مختلفًا في حق التلاوة، وإن بَعُدت أطرافه] (١)، وحاصله: أن أصل اتحاد السجدة لما ثبت بالحديث، والأثر، وشيء من المعنى، قلنا به لا بمجرّد نفس الحرج.

وأمّا الجواب عن الثاني: وهو أنّا جعلنا التداخل في السبب دون الحكم؛ لأنا لو جعلنا التداخل في الحكم دون السّبب كانت الأسباب باقية على حقيقتها متعدّدة يلزم الشفاعة، وثبوت الحكم على خلاف وضع الشرع، وترك العمل بالاحتياط؛ وذلك لأنه حينئذ يلزم وجود موجب العبادة [ولا عبادة] (٢)، والعبادة يحتاط في الإتيان بها، فكيف لا يثبت العبادة عند وجود موجب العبادة! بل هذا أليق بموضع العقوبات؛ ليضاف تخلّف الموجب عند وجود الموجب إلى العفو والكرم، والله موصوف بسبوغ العفو وكمال الكرم، ولذلك قال رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» (٣)، ثم لما [ثبت] (٤) أصل التداخل بالحديث بحيث لا مجال لردّه.

قلنا: بتداخل الأسباب في العبادات [لا في الأحكام، وعكسنا في العقوبات؛ ليكون الأسباب كلها في العبادات] (٥) عند دليل الجمع، وهو اتحاد المجلس بمنزلة سبب؛ إذ لو قلنا بعكسه يلزم الشفاعة على ما ذكرنا، فاندرج جواب الثالث في هذا.

وأمّا الجواب عن الرابع: فإنّما يظهر ثمرته فيما إذا تلا آية السجدة فسجد، ثم قرأ تلك الآية في ذلك المجلس مرات يكفيه تلك السجدة [عن التلاوات التي وجدت بعد السجدة، فلو كان التداخل في الحكم لما كفت تلك السجدة] (٦) المتقدمة عن (٧) التلاوات التي يوجد بعدها، كما لا يكفي في الحدود؛ لأنه حينئذ يلزم تقدم الحكم على العلة، وذلك مستحيل، بل يجعل التلاوات التي وجدت بعد السجدة ملحقة بالتلاوة [الأولى] (٨)، فكانت السجدة بعد التلاوات كلها تقديرًا للتداخل في الأسباب، ولما كان التداخل في الأحكام في العقوبات.


(١) ما بين معكوفين ساقط من (أ).
(٢) ما بين معكوفين ساقط من (ب).
(٣) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٣/ ٣٤٧)، قال الألباني: ضعيف. ينظر: إرواء الغليل: ٧/ ٣٤٣، وضعفه ابن الملقن في البدر المنير ٨/ ٦١٣.
(٤) في (ب): "لم يثبت".
(٥) ما بين معكوفين ساقط من (ب).
(٦) ما بين المعكوفين ساقط من (ب).
(٧) في (ب): "على"
(٨) [ساقط] من (ب).