للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: إن من زنى فجلد، ثم لو زنى ثانيًا يجلد ثانيًا، وكذلك ثالثًا ورابعًا؛ لعدم التداخل في الأسباب، هذا كله ممّا أفاد الأستاذ المدقق (١)، والخبير المحقق (٢)، مولانا فخر الدين المايمرغي رحمه الله (٣) (٤).

(فإذا اختلف عاد الحكم إلى الأصل) (٥) أي: وإذا اختلف المجلس عاد وجوب السجدة إلى الأصل الذي هو التكرر؛ لأنّ كل واحدة من القراءتين سبب على حدة، والأصل: أن لا يتحد المفترقان إلا بجامع، والجامع اتحاد المجلس، ولما اختلف لم يبق الجامع، فعاد الحكم إلى الأصل الذي هو حقيقة التفرق، ثم إنّما يختلف المجلس؛ إذ ذهب عن ذلك المجلس بعيدًا، فأمّا إذا ذهب قريبًا، فاتحاد المجلس باقٍ (٦)، والفاصل بين القريب والبعيد ما قيل في «المحيط» (٧): إنّه إذا مشى خطوتين أو ثلاثًا، فذلك قريب، وإن كان أكثر من ذلك، فذلك بعيد. قال محمد: [فإن] (٨) كان نحوًا من عرض المسجد وطوله، فهو قريب.

[١٣٤/ ب] وفي «المبسوط» (٩): فإن نام قاعدًا، أو أكل لقمة، أو شرب شربة، أو/ عمل عملًا يسيرًا، ثم قرأها فليس عليه أخرى؛ لأنّ بهذا القدر لا يتبدّل المجلس، وذكر الإمام التمرتاشي (١٠): بالأكل لا يختلف المجلس حتى يشبع، وبالشرب حتى يروى، وبالكلام والعمل حتَّى يكثر استحسانًا (١١).

(ولا يختلف بمجرّد القيام بخلاف المخيرة) (١٢) فإنّها إذا قامت من مجلسها يبطل خيارها، لا أنّ ذلك [لا] (١٣) بسبب اختلاف المجلس، بل لوجود دلالة الإعراض؛ لأن من حَزَبَهُ أمر، وهو قائم يقعد؛ إذ القعود أجمع للرأي، فكان قيامها دليل الإعراض، والخيار يبطل بالإعراض صريحًا، أو (١٤) دلالة، وفي تسدية الثوب يتكرّر الوجوب، وفي المتنقل من غصن إلى غصن، كذلك في الأصح، وكذا في الرئاسة، وهذا اللفظ كما ترى يدلّ على أن اختلاف المشايخ في المتنقل من غصن إلى غصن، وفي الدياسة لا في تسدية الثوب؛ لأنّه قطعها بالجواب من غير تردّد، ثم شبّه جواب الثاني بذكر الأصح به، ولكن ذكر الاختلاف في شروح «الجامع الصغير» في المسائل الثلاث كلها، وفي أمثالها (١٥).


(١) في (ب): "المحقق".
(٢) في (ب): "المدقق".
(٣) محمد بن محمد بن إلياس الملقب فخر الدين المايمرغي تلميذ الكردري، وروى الهداية عنه عن مصنفها، وهو أستاذ السغناقي، وعنه روى الهداية عن الكردري، عن المصنف رحمة الله عليهم. ينظر: شذرات الذهب: ٨/ ٤٣٣، الجواهر المضية: ٢/ ١١٥.
(٤) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩، العناية شرح الهداية ٢/ ٢١.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٤.
(٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٥٩.
(٨) [ساقط] من (أ).
(٩) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٢١.
(١٠) سبق ترجمته (ص ٥٧).
(١١) ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام: ١/ ١٥٨.
(١٢) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(١٣) [ساقط] من (أ).
(١٤) في (ب): "و".
(١٥) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٤، ٢٥.