للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام التمرتاشي: واختلف في تسدية الثوب والدياسة، والذي يدور حول الرحى، والذي يسبح في الحوض أو النهر، والذي تلا على غصن، ثم انتقل إلى غصن، والأصح هو الإيجاب؛ لأنّ المجلس ليس مجلس التلاوة، ولهذا يعتبر مختلفًا في الغصنين في الحل والحرم حتى أنّ الحلال إذا رمى صيدًا، والصيد على غصن شجرة أصلها في الحلّ، وذلك الغصن في الحرم يجب الجزاء، ولم يعتبروا الأصل، فكذلك هاهنا (١).

قوله: (للاحتياط) (٢) أي: بالنظر إلى اتحاد العمل، واتحاد اسم المجلس لا يتبدّل المجلس، فلا يتكرّر الوجوب، وبالنظر إلى حقيقة اختلاف المكان بتكرّر الوجوب، فقلنا: بالتكرار احتياطًا، وكذا إذا تبدّل مجلس الثاني (٣) دون التسامع (٤)، (٥).

(على ما قيل) (٦) أي: يتكرر الوجوب على السامع، وإن اتحد مجلسه لما أن سماعه مبني على التلاوة، ومجلس التالي متبدّل، فيعتبر به.

وذكر الصدر الشهيد رحمه الله (٧) في «الجامع الصغير»: ولو تبدّل مجلس التالي دون السامع يتكرر الوجوب على السامع؛ لأن الحكم يضاف إلى السبب، وهو قول الإمام علي البزدوي -رحمه الله- كأنه جعل التلاوة سببًا، وكذا ذكر بعض المتأخرين من مشايخنا في شرح هذا الكتاب (٨).

وقال القاضي الإمام (٩) المنتسب إلى إسبيجاب (١٠): إنّه لا يتكرر الوجوب على السّامع؛ لأن سبب الوجوب في حقه السماع، ومكان السّامع متحد هذا هو الأصح، وعليه الفتوى، ومن أراد السجود كبّر، ولم يرفع يديه، وسجد (١١) اعتبارًا لسجدة الصلاة (١٢).


(١) ينظر: شرح فتح القدير: ٢/ ٢٥.
(٢) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٣) في (ب): " التالي".
(٤) في (ب): "السامع".
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٥.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٧) عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازة، أبو محمد، حسام الدين، الحنفي. المعروف بالصدر الشهيد فقيه. أصولي. من أكابر الحنفية. تفقه على والده برهان الدين الكبير عبد العزيز، وناظر العلماء ودرس للفقهاء. وكان الملوك يصدرون عن رأيه. وتوفي شهيدًا. من تصانيفه: "الفتاوى الكبرى"، و"الفتاوى الصغرى"، و"عمدة المفتي والمستفتي"، و"شرح أدب القاضي"، و"شرح الجامع الصغير"، و"الواقعات الحسامية". ينظر: الجواهر المضية: ١/ ٣٩١، الفوائد البهية: ص ١٤٩، الأعلام للزركلي: ٥/ ٥٠١.
(٨) ينظر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ص ١٠٣، الفتاوى الهندية: ١/ ١٣٤، المحيط: ٢/ ٦٤.
(٩) أحمد بن منصور، القاضي، أبو نصر الإسبيجابي الحنفي. فقيه نسبته إلى إسبيجاب. بلدة كبيرة من ثغور الترك. ذكر أبو الوفاء في الجواهر نقلًا عن عمر بن محمد النسفي: أنه دخل سمرقند وأجلسوه للفتوى، وصار الرجوع إليه في الوقائع، فانتظمت له الأمور الدينية، وظهرت له الآثار الجميلة، ووجد بعد وفاته صندوق له فيه فتاوى كثيرة. من تصانيفه: "شرح مختصر الطحاوي"، و"شرح على كتاب الصدر ابن مازة"، و"شرح الكافي"، و"فتاوى"، وكلها في فروع الفقه الحنفي. ينظر: الجواهر المضية: ١/ ١٢٧، الفوائد البهية: ص ٤٢، معجم المؤلفين: ٢/ ١٨٣.
(١٠) إسبيجاب: مدينة متصلة ببلاد الشاش لها قهندز وربض ودار الإمارة والجامع في المدينة الداخلة، وفي ربضها مياه وبساتين، وهي مدينة في مستو من الأرض، وهي ذات خصب وسعة، وليس بخراسان كلها وما وراء النهر منها بلد لا خراج عليه إلا اسبيجاب. ينظر: الروض المعطار: ص ٥٦.
(١١) في (ب): "يسجد".
(١٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٥.