للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا بأس أن يقرأ آية السجدة ويدع ما سواها) (١)؛ لأن له أن يقرأ ما شاء من القرآن، هكذا (٢) ذكره صدر الإسلام.

قلت: لا معارضة بين تعليلي هاتين المسألتين؛ كما أنّ الأول في حق قراءة السورة [وهذا في حق السورة] (٣)، وهذا في حق قراءة الآية، وقال فخر الإسلام: لا بأس به لنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في خطبته أحيانًا: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} (٤)، وتارة لقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (٥)، وتارة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)} (٦)، (٧)، (٨).

(واستحسنوا إخفاءها شفقة على السامعين) (٩)، وفي «المحيط» (١٠): فإن كان التالي وحده يقرأ كيف شاء، يعني: هذا آية السجدة جهرًا أو إخفاء، وإن كان معه جماعة قال مشايخنا: إن كان القوم متهيئين للسجود، ويقع في قلبه أنه لا يشق عليهم أداء السجدة ينبغي أن يقرأ جهرًا حتّى يسجد القوم معه؛ لأن في هذا حثًّا لهم على الطاعة، وإن كانوا محدثين، ويظن أنهم يسمعون ولا يسجدون، أو وقع في قلبه أنه يشق عليهم أداء السجدة ينبغي أن يقرأها في نفسه، ولا يجهر تحرزًا عن تأثيم المسلم، وذلك مندوب إليه.

وفيه أيضًا ذكر: فيمن قرأ آية السجدة كلها إلا الحرف الذي في آخرها قال: لا يسجد، ولو قرأ الحرف الذي يسجد فيه وحده لم يسجد إلا أن يقرأ أكثر من آي السجدة (١١).

وفي «فوائد الشيخ الإمام السفكردري (١٢)»: أن من تلا من أوّل السجدة أكثر من نصف الآية، وترك الحرف الذي فيه السجدة لم يسجد، وإن قرأ الحرف الذي فيه السجدة إن قرأ ما قبله أو بعده أكثر من نصف الآية يجب السجدة، وما (١٣) لا فلا (١٤).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٠.
(٢) في (ب): "كذا".
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) سورة البقرة من الآية: (٢٨١).
(٥) سورة آل عمران من الآية: (١٠٢).
(٦) سورة الأحزاب الآية: (٧٠).
(٧) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ١٤٦ – ١٣٦٠٤).
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٦، المحيط: ٢/ ١٦٩.
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٠.
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٧٥.
(١١) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٥٨.
(١٢) السفكردري: قال الخاصي: ذُكر أبو حفص السفكردري في مختصر غريب الرواية، ولم يذكر السمعاني هذه النسبة فى كتابه. ينظر: الجواهر المضية: ٢/ ٣١٧.
(١٣) في (ب): " إلا".
(١٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٥٨.