للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: يشكل هذا بمسألة (١) ذكرها في «المحيط» (٢)، وهي: أن المسافر إذا بكّر في اليوم الأوّل؛ ومشى إلى وقت الزوال حتى بلغ المرحلة، فنزل فيها للاستراحة وبات فيها، ثم بكّر في اليوم الثاني ومشى إلى ما بعد الزوال ونزل، ثم بكّر في اليوم الثالث ومشى إلى وقت الزوال فبلغ في ذلك الوقت إلى المقصد، قال شمس الأئمة السرخسي (٣) -رحمه الله-: الصحيح أنه يصير مسافرًا عند النية، ومعلوم أنّه لا يتمكن من [استيفاء] (٤) مسح ثلاثة أيام في هذه المدة؛ لأنها ليست بثلاثة أيام كاملة، ومع ذلك أنّه مسافر.

قلت: إن لم يتمكن منه تحقيقًا فقد تمكّن تقديرًا؛ لأن النزول للاستراحة ملحق بالسير في حق تكميل مدة السّفر، وذلك لأنّ المسافر لا بدّ له من النزول لاستراحة نفسه، أو لاستراحة دابته، فليس الشرط أن يذهب من الفجر إلى الفجر؛ لأنّ الآدمي لا يطيق ذلك، وكذلك الدابة، فلذلك كان المشي في بعض النهار كافيًا. كذا في «المحيط» (٥).

فإذا كان كذلك فلو لم يبلغ إلى المقصد في اليوم الثالث كأن ينزل أيضًا للاستراحة كما في اليومين الأولين، ومدّة الاستراحة فيهما ملحقة بمدة السفر، فكذلك في اليوم الثالث (٦).

قوله: (والشافعي -رحمه الله- بيوم وليلة) (٧) في قول، فإن له أقوالًا، [في قول] (٨):

قدّره بخمسة عشر فرسخًا (٩) وفي قول بمسيرة يوم، وفي قول بمسيرة يومين. وفي قول: لستة وأربعين ميلًا (١٠). كذا في مبسوطي (١١) [الإمام الإسبيجابي (١٢) (١٣)، والإمام السرخسي (١٤) رحمهما الله] (١٥).


(١) في (ب): "المسألة".
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٨٤.
(٣) سبق ترجمته (ص ٧١) هامش (٢).
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٨٤.
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٧.
(٧) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٠، الحاوي في فقه الشافعي ١/ ٢٧٨.
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) الفرسخ: ثلاثة أميال بالهاشمي، أو خمسة وعشرون غلوة، أو اثنا عشر ألف ذراع أو عشرة آلاف ذراع وهو على التقدير الحديث ٥٥٤٤ مترا. ينظر: القاموس المحيط: ص ٣٢٩ - مادة "فرسخ".
(١٠) المِيل: بكسر الميم مقدار مدى البصر من الأرض قاله الأزهري، وعند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع، وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع، والخلاف لفظي؛ لأنهم اتفقوا على أن مقداره ست وتسعون ألف إصبع، والإصبع ست شعيرات بطن كل واحدة إلى الأخرى، ولكن القدماء يقولون: الذراع اثنتان وثلاثون أصبعًا، والمحدثون يقولون أربع وعشرون إصبعًا، وعلى ذلك فالخلاف في الذراع وليس في الميل. ينظر: المصباح المنير: ٢/ ٥٨٨ - مادة "ميل".
(١١) في (ب): "المبسوطين".
(١٢) تحفة الفقهاء: ١/ ١٤٨.
(١٣) "شَيْخُ الْإِسْلَامِ لقب جماعة من العلماء الأئمة واشتهر بها عند الإطلاق علاء الدين أو بهاء الدين على بن مُحَمَّد بن إسماعيل بن علي بن أحمد الاسبيجابي السمرقندي المعروف بشيخ الإسلام، لم يكن بما وراء النهر في زمانه من يحفظ مذهب أبي حَنِيفَةَ ويعرفه مثله، تفقه على صاحب الهداية شرح البداية، له شرح مختصر الطحاوي، المَبْسُوط (ت ٥٣٥ هـ). يُنْظَر: الجواهر المضية ٢/ ٥٩٢.
(١٤) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٣١.
(١٥) [ساقط] من (ب).