للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (وإن لم يقعد في الثانية قدرها) (١) أي: [في الركعة الثانية] (٢) قدر التشهد على تأويل قدر قعدة التشهد بطلت كما في صلاة الفجر، وهذا عندنا، وقال الشافعي -رحمه الله- صلاته تامة، فكان الأربع فرضًا له، وهذا بناء على ما تقدّم من أنّ القصر عزيمة في حق المسافر عندنا، وقال الشافعي (٣) رخصة. كذا في «المبسوط» (٤).

فإن قلت: يشكل على قولنا هذا القراءة، فإن المسافر إذا لم يقرأ في الرّكعتين، وقام إلى الثالثة، ونوى الإقامة، وقرأ في الأخريين يجوز صلاته عندهما خلافًا لمحمد، والمسألة في نوادر «المبسوط»، وركعتا المسافر كما يحتاجان إلى القعدة، فكذلك يحتاجان إلى القراءة.

ثم فسدت في حق القعدة هاهنا، ولم تفسد في حق القراءة.

قلت: هذا مطّرد، وليس بمنتقض لما أنّه لو ترك القعدة هنا، وقام إلى الثالثة، ونوى الإقامة فأتّمها أربعًا تجوز صلاته أيضًا. كذا في نوادر صلاة «المبسوط» (٥).

وكلامنا فيما إذا لم يقعد في الأولى، وأتمّ أربعًا من غير نية الإقامة، فكان فيه اختلاط الناقلة بالفرض قبل إكمال الفرض، وذلك مبطل للصلاة، وإذا فارق بيوت المصر صلى ركعتين، ويعتبر في مفارقة المصر الجانب الذي يخرج منه المسافر من البلدة لا الجوانب التي تحد (٦) البلدة، حتّى إنّه إذا خلّف البنيان الذي خرج منه قصر الصلاة، وإن كان بحذائه بنيان آخر من جانب آخر من المصر (٧)، وذكر الصدر الشهيد (٨) -رحمه الله-: أن رجلًا خرج مسافرًا من بخارى، [فلما] (٩) بلغ [إلى] (١٠) ديكستان قوط (١١) أو إلى رباط وليان اختلف المشايخ فيه، والمختار أنّه يقصر الصلاة؛ لأنّه جاوز الرّبض، [ومتى جاوز الرّبض] (١٢)، فقد جاوز عمران البلدة، والصحيح: أنه يعتبر مجاوزة عمران المصر إلا إذا كان ثمة قرية، أو قرى متصلة تربض المصر، فحينئذ يعتبر مجاوزة القرى. كذا في «المحيط» (١٣).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٠.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) ينظر: الحاوي في فقه الشافعي: ٢/ ٢٢٧.
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٣٩.
(٥) ينظر: المرجع السابق.
(٦) في (ب): "بحذاء".
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٣٢.
(٨) سبق ترجمته (ص ٩٩).
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) قُوط: قرية من قرى بلخ أزبكستان. ينظر: معجم البلدان: ٤/ ٤١٣، المحيط: ٢/ ٨٦.
(١٢) [ساقط] من (ب).
(١٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٨٦.