للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: فعلى هذا التقدير يجب أن [قول] (١) هذا القول، وهو أتموا صلاتكم، فإنا قوم المتقدم (٢) أن يكون واجبًا على الإمام لما أنّ إصلاح صلاة المقتدي من جانب الإمام يجب على الإمام رعايته، فلم قال مع ذلك ويستحب للإمام هذا القول؟

قلت: إصلاح صلاة القوم غير متوقف إلى قول الإمام هذا لما أنّ القوم لو كانوا مسافرين سلّموا بسلامه، وإن كانوا مقيمين قاموا وأتّموا صلاتهم، ثم سألوه، فإن أخبر أنّه مسافر جاز صلاة الكل، ففساد صلاة القوم إنما يلزم على تقدير سلام الإمام على رأس الركعتين، وهو مقيم، وفيما لا يدرون بحاله، وهو سلم على رأس الركعتين، فالظاهر: أنّه مسافر [حملًا لأمره على الصلاح، فكان قوله هذا بعد ذلك زيادة إعلام بأنّه مسافر] (٣)، وإزاحة للشبهة عن نفسه، واقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا القول لا أمرًا واجبًا عليه، فلذلك كان هذا القول منه مستحبًّا، وإذا دخل المسافر [في] (٤) مصره أتمّ الصلاة، وهذا الذي ذكر في حق مسافر استكمل بسيره ثلاثة أيام، وأراد بالمصر الوطن الأصلي، وأمّا إذا لم يُتم (٥) ثلاثة أيام، فهو بمجرّد العزم إلى دخول مصره يصير مقيمًا، ويتم صلاته، وإن لم يدخل مصره، وقد ذكرناه (٦).

وذكر في «المبسوط» (٧) و «المحيط» (٨): وإن [كان] (٩) خرج من مصره مسافرًا، ثم بدا له أن يرجع إلى مصره؛ لحاجة له قبل أن يسير مسيرة ثلاثة أيام صلّى صلاة المقيم في انصرافه؛ لأنّه فسخ عزيمة السّفر بعزمه على الرجوع إلى وطنه، وبينه وبين وطنه دون مسيرة السّفر، فصار مقيمًا من ساعته، بخلاف ما إذا استكمل بثلاثة أيام بسيره، ثم قرّب من مصره، وعزم الدخول، فهو على سفره ما لم يدخل، فكذلك رجل خرج من مصره مسافرًا فحضرت الصلاة فافتتحها ثم أحدث (١٠) فانتقل ليأتي مصره فيتوضأ ثم علم أن أمامه ماء، فإنه يتوضأ ويصلي صلاة المقيم، فإن تكلم صلى صلاة المسافر؛ لأنّه حين عزم على الانصراف إلى أهله، فقد صار مقيمًا؛ إذ (١١) الإقامة تلائم فعل الصلاة؛ لأنّ الإقامة ترك العمل، وذلك يلائم الصلاة، ولا ينافيها، ألا ترى أنّ المسافر إذا كان راكب سفينة، وهو يصلّي الظهر فجرت به السفينة حتّى دخل مصره أنه يتم صلاته أربعًا، ولو افتتحها في مصره في سفينة فجرت به حتّى خرجت إلى المفازة، وهو على عزيمة السّفر أنه لا يصير مسافرًا، فإذا تكلّم مقدار … حرمة الصلاة، وهو متوجه أمامه على عزم السفر، فصار مسافرًا.


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) في (ب): "سفر".
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) في (ب): "يسد".
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٤١.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٣٧، ٤٣٨.
(٨) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٠٣، ١٠٤.
(٩) [ساقط] من (أ).
(١٠) تصحيف في (ب): "أخذت".
(١١) في (ب): "لأن".