للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسُنّة: حديث جابر - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أيها الناس، توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا، وتقربوا إلى الله بالأعمال الصالحة قبل أن تُشْغَلُوا، وتحببوا إليه بالصدقة في السر والعلانية تجبروا، وتنصروا، وترزقوا، واعلموا أن الله تعالى كتب عليكم الجمعة في يومي هذا، في شهري هذا، في مقامي هذا، فمن تركها تهاونًا، واستحفافًا بحقها، وله إمام جائر أو عادل ألا فلا جمع الله شمله، ألا فلا صلاة له، ألا فلا زكاة له، ألا فلا صوم له إلا أن يتوب، فمن تاب تاب الله عليه» (١)، وفي حديث ابن عباس، وابن عمر - رضي الله عنهما - قالا: سمعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أعواد منبره يقول: «لينتهين أقوام عن ترك الجمعة أو ليختمن على قلوبهم، وليكونن من الغافلين» (٢).

وأجمعت الأمة على فرضيتها (٣)، وإنما اختلفوا في أصل الفرض في هذا الوقت على ما يجيء، وأمّا المعنى فلأنا أمرنا بترك الظهر لإقامة الجمعة، والظهر فريضة، ولا يجوز ترك الفرض إلا لفرض هو آكد، وأولى منه فدلّ هذا على أنّ الجمعة آكد من الظهر في الفرضية. كذا في «المبسوطين» (٤).

ثم شرائط لزوم الجمعة اثنا عشر؛ ستة في نفس المصلى، وستة في غير نفس المصلى أما التي في نفسه الحرية، والذكورة، والإقامة، والصحة، وسلامة الرجلين، والبصر، وقالا: إذا وجد الأعمى قائدًا يلزمه؟ قلنا: هو غير قادر بنفسه كالزمن (٥) إذا وجد من يحمله.


(١) أخرجه ابن ماجه في «سننه» (١/ ٣٤٣)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في فرض الجمعة، رقم (١٠٨١). قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه: ٣/ ٨١): ضعيف.
(٢) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢/ ٥٩١)، كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، رقم (٨٦٥)، من حديث أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما.
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» (١/ ٢٦٠)، كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، رقم (٧٩٤). قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه: ٢/ ٣٦٦): صحيح.
(٣) اختلف بالقول بالإجماع على فرضيتها، فقد ذكر الخطابي أنها من فروض الكفاية. ينظر: معالم السنن ١/ ٢٤٤، وتوهم البعض عن مالك بأنها سنة. ينظر: بداية المجتهد (١/ ٣٠٣)، والذي يَظهر أنَّ الإجماع قائِمٌ على وجوبها على الإطلاق عينًا وكفاية، والأكثر على أنَّها فَرْض عين. ينظر: سبل السلام، للصنعاني (٢/ ٦٥).
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٣٦.
(٥) الزَمَنُ والزَمانُ: اسمٌ لقليل الوقت وكثيره، ويجمع على أَزمانِ وأَزْمِنَةٍ وأَزْمُنٍ .... الكسائي: عاملته مُزامَنَةً من الزَمَنِ، كما يقال مشاهرةً من الشهر. والزَمانَةُ: آفة في الحيوانات. ورجلٌ زَمِنٌ، أي مُبْتَلىً بين الزمانة. ينظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٥/ ٢١٣١).