للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسببه -وهو الخوف- يتحقق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما كان في حياته، ولم يكن ذلك لينل فضيلة الصلاة خلفه؛ لأن ترك المشي، والاستدبار فريضة، والصلاة خلف النبي فضيلة، ولا يجوز ترك الفرض لإحراز الفضيلة، ثم الآن يحتاجون إلى إحراز فضيلة تكثير الجماعة، فإنّها كلما كانت أكثر فهي أفضل، وقوله (١) تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ} (٢)، معناه: أنت أو من يقوم مقامك في الإمامة، كما في قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٣)، وقد يكون الخطاب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يختص هو به كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} (٤)، (٥)، كذا في «المبسوط» (٦)، و «المحيط» (٧).

[١٥٣/ أ] قلت: ولا حجة لمن تمسّك بقوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} (٨) الآية، على (٩) دعوى الاختصاص بحياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لما عرف من أصلنا أن المعلّق بالشرط لا يوجب عدم الحكم عند عدم الشرط، بل هو موقوف إلى أن قام الدليل [فإذا قام الدليل] (١٠) على وجود الحكم بذلك الدليل، وقد قام الدليل هاهنا، وهو فعل الصحابة بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجب أن يقال: بالجواز،/ ومذهب الشافعي، ومالك معروف (١١).

وفي «المبسوط» (١٢): ثم أن عدد الركعات لا ينتقض بسبب الخوف عندنا، وكان [ابن مسعود] (١٣) ابن عباس يقول (١٤): «صلاة المقيم أربع ركعات، وصلاة المسافر ركعتان، وصلاة الخوف ركعة» (١٥)، وبه أخذ بعض العلماء، ويصلي بالطائفة الأولى ركعتين من المغرب، وهذا عندنا، وقال الثوري: يصلي بالطائفة الأولى ركعة، و [بالطائفة الثانية] (١٦) ركعتين؛ لأن فرض القراءة في الركعتين الأوليين، فينبغي أن يكون لكل طائفة في ذلك حظ، ولنا أنه إنما يصلي بكل طائفة شطر الصلاة، وشطر المغرب ركعة، ونصف فيثبت حق الطائفة الأولى في نصف ركعة، والركعة الواحدة لا تتجزئ، فيثبت حقهم في كلها. كذا في «المبسوط» (١٧).


(١) في (أ) " قال".
(٢) سورة النساء من الآية: (١٠٢).
(٣) سورة التوبة من الآية: (١٠٣).
(٤) سورة الطلاق من الآية: (١).
(٥) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ٥/ ٣٦٤.
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٨٢.
(٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٤٦.
(٨) سورة النساء من الآية: (١٠٢).
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٩٨، ٩٩.
(١٢) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٨٢، ٨٣.
(١٣) [ساقط] من (ب).
(١٤) في (ب): " يقولان ".
(١٥) أخرجه النسائي في «سننه» (٣/ ١١٨)، كتاب تقصير الصلاة في السفر، رقم (١٤٤١). قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن النسائي: ٤/ ٨٥): صحيح.
(١٦) في (ب): "بالثانية ".
(١٧) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٨٢، ٨٣.