للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: هو أنّ الميت لا يمضمض، ولا يستنشق بخلاف الجنب.

والثاني: أن الجنب يبدأ فيغسل يديه أولًا إلى الرسغ، وفي الميت لا يبدأ بغسل يديه، بل بوجهه.

والثالث: أن الميت لا يمسح رأسه بخلاف الجنب، فإنه يمسح رأسه في ظاهر الرواية.

[١٥٥/ أ] والرابع: أن الجنب يغسل رجليه بعد الفراغ لا عند الوضوء، والميت يغسل رجلاه عند الوضوء، هذا كله على رواية صلاة الأثر، والصحيح/ أن يكون الجواب كالجواب في الجنب غير المضمضة، والاستنشاق؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - استثناهما. كذا ذكره شيخ الإسلام (١).

وفي «المبسوط» (٢): ذكر غسل الرِّجلين عند الوضوء من غير تأخيره إلى الفراغ مطلقًا من غير ذكر اختلاف الروايتين، وفرق بينه وبين غسل الجنب، وقال: لأن هناك يجتمع الماء المستعمل في موضع رجليه فلا يفيد الغسل، وهاهنا لا يجتمع، وكذا ذكر في «المحيط» (٣) المسألتين الباقيتين، وهما بدأ به غسل الوجه، وترك مسح الرأس مطلقًا من غير ذكر اختلاف الروايتين. قال شمس الأئمة الحلواني: هذا الذي ذكره من الوضوء في حق البالغ، والصبي الذي يعقل الصلاة، وأمّا الصبي الذي لا يعقل الصلاة، فإنه يغتسل، ولا يتوضأ، وضوءه للصلاة؛ لأنه كان لا يصلي.

(ثم يفيضون الماء عليه) (٤) أي: ثلاثًا؛ لأن هذا غسل مشروع بعد الوفاة، فيعتبر بالغسل المشروع حال الحياة، وهنا كذلك فكذا هنا، وإن زاد على الثلاث جاز، كما في حالة الحياة (٥)، ويُجمّر سريره وترًا، جمر ثوبه، وأجّمره [بخره] (٦)، والتجمير أكثر. كذا في «المغرب» (٧).

وذكر فخر الإسلام في «مبسوطه»: فأجمر وترًا، والإجمار التطييب، يعني: بدأ (٨) المجمر، وهو الذي يوقد فيه العود حوالي السرير ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا، ويُغلى الماء بالسدر أو بالحوض، فإن لم يكن فالماء القراح هو من الإغلاء لا من الغلي، فإنّ الغلي والغليان لازم، ثم الإغلاء مذهبنا، فإنّ الغسل بالماء الحارّ أفضل عندنا، وقال الشافعي: الأفضل أن يغسل بالماء البارد إلا أن يكون عليه وسخ، أو نجاسة لا تزول إلا بالماء الحار، فحينئذ يغسل بالماء الحار، وقال: لأن الميت يسترخي، فلو غسل بماءً حار ازداد الاسترخاء، فيصير سببًا لخروج ما في بطنه من النجاسة (٩)، فيؤدّي إلى تنجيس الأكفان (١٠).


(١) ينظر: رد المحتار: ٢/ ١٩٦.
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٠٦.
(٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٩٤.
(٤) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٨.
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠٨.
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) (١/ ١٥٦ - مادة "جمر").
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) في (ب): " النجاسات ".
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٩٦.