للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه ظاهر الرواية هو: أنّ المسح بعد المرة الثانية أولى؛ لأنه ربّما يكون في بطنه نجاسة منعقدة لا تخرج بعد المسح قبل الغسل، وتخرج بعد الغسل مرتين بماء جارٍ، فكان المسح بعد المرتين أقدر على/ إخراج ما به من النجاسة فيكون أولى، والأصل في ذلك ما روي عن علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - لما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح بطنه بيده [مسحًا] (١) رفيقًا طلب منه ما يُطلب من الميت فلم ير [شيئًا] (٢)، فقال: «طبت حيًّا، وميّتًا» (٣)، ورُوي أن العباس - رضي الله عنه - فعل، وقال هذا، ورُوي: "أنّه لما فعل به هكذا فاح ريح المسك في البيت، وانتشر ذلك الريح في المدينة" (٤). فإن سال منه شيء مسحه، ثم يغسل ذلك الموضع، وإنّما أمره بالمسح قبل الغسل؛ لأنه لو لم يمسح يتعدّى عن ذلك الموضع بالغسل، ثم يضجعه على شقه الأيسر، فيغسله بالماء القراح، وشيء من الكافور حتى ينقيه، ويرى أن الماء قد خلّص إلى ما يلي التخت منه، فإذا فعل ذلك فقد غسله ثلاثًا. كذا في «المحيط» (٥).

[١٥٥/ ب] قوله: (ولا يعيد غسله) (٦) روى بضم الغين، وفتحها كذا وجدتُ مقيًّدا بخط شيخي

- رحمه الله -، والغسل بالضم اسم للاغتسال، وهو غسل تمام الجسد، ولا يعيد غسله، ولا وضوءه، وقال الشافعي: يعيد الغسل، وقال بعض أصحابه: بإعادة الوضوء، ولكن ما قالوا ليس بصحيح؛ لأن الحدث في حالة الحياة لا يوجب الغسل، فكذا بعد الممات، وأمّا الوضوء فلأنّ الخارج إن كان حدثًا، فالموت حدث أيضًا؛ لأنه يزول به التمييز أكثر ما يزول بالإغماء، وهو موجود في الحال، وهو لا يوجب الوضوء فكذا هذا الحدث. كذا في «شرح الأقطع» (٧).

وفي «الخلاصة الغزالية»: ما يدل على أنّه يعيد الغسل، فقال فيها: فإن خرج بعد الغسل شيء، فالصحيح استئناف الأمر من أوّله إلى آخره (٨).

ثم اعلم أنّه لابد من النية في غسل الميت حتّى [إن الميت] (٩) إذا وجد في الماء لابدّ من غسله؛ لأن الخطاب بالغسل توجّه على بني آدم، ولم يوجد من بني آدم فعل إلا أن يحُركه في الماء بنية الغسل وقت الإخراج كذا في «التجنيس» (١٠)، و «فتاوى قاضي خان» استئناف الأمر من أوّله (١١).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣/ ١٤ - رقم ١١٦٤٤).
(٤) ذكره برهان الدين. ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٩٧.
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٩٧.
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٩.
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٠٩.
(٨) ينظر: المرجع السابق.
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) ينظر: الفتاوى الهندية: ١/ ١٥٨.
(١١) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١١٠.