للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والمعتبر في ذلك) (١) أي: في عدم التفسخ (٢).

قوله: (هو الصحيح) (٣) احتراز عمّا روي في «الأمالي» عن أبي يوسف -رحمه الله-: أنّه يصلّى على الميت في القبر إلى ثلاثة أيام، وبعدما مضت الثلاث لا يُصلّى عليه، وهكذا ذكر ابن رستم -رحمه الله- (٤) في «نوادره»: عن محمد عن أبي حنيفة -رحمهما الله-، والصحيح: أن هذا ليس بتقدير لازم؛ لأن تفرق الأجزاء يختلف باختلاف حال الميت من السّمين، والهُزال، وباختلاف الزمان من الحر، والبرد، وباختلاف المكان من الصلابة، والرخاوة، والذي رُوي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى على شهداء أُحد بعد ثماني سنين» (٥) معناه: دعا لهم. قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (٦)؛ لأن صلاتك سكن لهم (٧)، وقيل: إنّهم كما دُفنوا لم يتفرّق أعضاؤهم هكذا وجدوا حين أراد معاوية أن يحولّ لهم فتركهم، فإن كان في رأيهم أنّه تفرّق أجزاء الميت المعيّن قبل ثلاثة أيام [لا يُصلّون عليه إلى ثلاثة أيام، وإن كان في أكبر رأيهم أنّه لم يتفرّق أجزاؤه بعد ثلاثة أيام يصلّون عليه بعد ثلاثة أيام] (٨)، (٩).

فإن قيل: كيف يُصلّى عليه وهو غائب عن أعين الناس بالتراب؟

[١٥٨/ أ] قلنا: نعم، ولكن هذا لا يمنع جواز الصلاة [ألا ترى أن قبل الدفن كان غائبًا بالكفن، ولم يمنع ذلك جواز الصلاة] (١٠)، وهذا إذا دفن الميت بعد الغسل قبل الصلاة عليه، فأمّا إذا دفنوه بعد الصلاة/ عليه، ثم تذكروا أنّهم لم (١١) يغسلوه، فإن لم يهيلوا التراب عليه يخرج، ويغسل، ويصلّى عليه، وإن أهالوا التراب عليه لم يخرج، وهل يصلى عليه ثانيًا في القبر؟ ذكر الكرخي -رحمه الله-: أنه يصلّى عليه (١٢). [هل يصلي ثانيًا في القبر] (١٣)؟.


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٠.
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٢١.
(٣) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٠.
(٤) إبراهيم بن رستم، أبو بكر المروزي، من مَرْو الشاهجان، فقيه حنفي من أصحاب محمد بن الحسن، أخذ عن محمد وغيره من أصحاب أبي حنيفة، وسمع من مالك والثوري وحماد بن سلمة وغيرهم، وعرض المأمون عليه القضاء فامتنع. وثقه بعض أهل الحديث، وقال بعضهم: منكر الحديث. من تصانيفه: "النوادر" كتبها عن محمد. ينظر: الجواهر المضيئة: ١/ ٣٨، الفوائد البهية: ص ٩.
(٥) أخرجه أحمد في «مسند» (٤/ ١٥٤ - ١٧٤٣٨)، من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه. وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
(٦) سورة التوبة من الآية: (١٠٣).
(٧) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ٨/ ٢٥٠.
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٢١، الجوهرة النيرة: ١/ ١٠٦، ١٠٧.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) في (ب): " ما ".
(١٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٥٤، ٣٥٥.
(١٣) [ساقط] من (ب).