للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وذخرًا) (١)، أي: خيرًا باقيًا (٢).

(واجعله لنا شافعًا مشفّعًا) (٣) أي: مقبولًا شفاعته، وقال أبو يوسف: يكبّر حين يحضر، وتفسير المسألة على قوله، فإنّه لما جاء، وقد كبّر الإمام تكبيرة الافتتاح كبّر هذا الرجل حين حضر تكبيرة الافتتاح، فإذا كبّر الإمام الثانية تابعه فيها، ولم يصر مسبوقًا بشيء، وعندهما لا يُكبّر تكبيرة الافتتاح حين حضر، ولكن ينتظر حتّى يكبّر الإمام الثانية فيكبّر معه التكبيرة الثانية، ويكون هذا التكبير تكبيرة الافتتاح في حق هذا الرجل، فيصير مسبوقًا بتكبيرة يأتي بها بعدما يسلم الإمام وجه قول أبي يوسف قوله - صلى الله عليه وسلم -: «اتبع إمامك في أي حال أدركته» (٤)، وقاس هذا بسائر الصلوات، فإن المسبوق يكبّر للافتتاح فيها حين ينتهي إلى الإمام فهذا مثله، وكذلك لو كان واقفًا خلف الإمام، فتأخّر تكبيرة عن تكبيرة الإمام، ثم ينتظر أن يكبّر الإمام الثانية بالاتفاق فهذا مثله، ومذهبنا مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، والمعنى فيه هو أن هذه تكبيرة من تكبيرات صلاة الجنازة لم يُدركها مع الإمام، فلا يأتي بها قبل [سلام] (٥) الإمام قياسًا على التكبيرة الثانية، فإنّه لو كان مسبوقًا بتكبيرتين، وقد كبّر تكبيرة الافتتاح على قول أبي يوسف -رحمه الله- لا يأتي بالثانية ما لم يسلم الإمام فكذا هذا؛ لأن كل تكبيرة في الصلاة على الجنازة قائمة مقام ركعة بدليل أنّه لو (٦) ترك واحدة من هذه التكبيرات لا يجزئه صلاته كما لو ترك ركعة من الظهر، ولهذا قيل: أربع كأربع الظهر، فلو لم ينتظر تكبيرة الإمام [حين جاء] (٧) كان قاضيًا ما فاته قبل أداء ما أدرك مع الإمام، وذلك منسوخ، إلا أن أبا يوسف يقول في تكبيرة [الافتتاح] (٨): معنيان: معنى الافتتاح والقيام مقام ركعة، ومعنى الافتتاح يرجّح فيها بدليل تخصيصها برفع اليد عندها، ثم الجواب لهما عمّا لو كان حاضرًا خلف الإمام (٩).

قلنا: تكبيرة من صلاة الجنازة لم يدركها مع الإمام، وإذا كان حاضرًا مع الإمام فقد أدركها، فكان له أن يأتي بها، وليس كسائر الصلوات؛ لأن في سائر الصلوات متى كبّر تكبيرة الافتتاح لا يكون متقدّمًا على الإمام بركعة بخلاف ما نحن فيه (١٠).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٠.
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٢٥.
(٣) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٠.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (٢/ ٢٧٩ - ٣٣٦٢).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) في (ب): " إذا ".
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١١٩، ١٢٠.
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٣٢، ٣٣٣.