للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الإمام الهندواني -رحمه الله- (١): لا يتأدّى في السّوق (٢)؛ لأنه عادة [أهل] (٣) الجاهلية إلا أنّ يكون الميت عالمًا أو زاهدًا، وقال (٤) الإمام الحلواني -رحمه الله-: وإنما أورد هذه المسألة؛ لأن البعض كرهوا ذلك؛ لأنه إعلام بالمصيبة. كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (٥).

قوله -رحمه الله-: (لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى على جنازة في المسجد فلا أجر له» (٦) (٧)؛ يحتمل أن يكون قوله: (في المسجد) طرف الصلاة يحتمل طرف جنازة، ولذا اختلف حكم المسألة حيث قال: وفيما إذا كان الميّت خارج المسجد اختلف (٨) المشايخ، ولكن ذكر شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- بعدم الكراهة مطلقًا، وقال الشافعي -رحمه الله-: يكره على أيّ جهة (٩) كان؛ لما رُوي أنّ سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لما مات أمرت عائشة رضي الله عنها بإدخال جنازته المسجد حتى صلى عليها أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قالت لبعض من حولها: «هل عاب الناس علينا ما فعلنا؟ قال: نعم، فقالت: [ما أسرع] (١٠) ما نسوا ما صلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة سهيل بن البيضاء (١١) إلا في المسجد» (١٢)، ولأنّها دعاء أو صلاة فالمسجد أولى به من غيره، ولنا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال -صلى الله عليه وسلم-: «من صلّى على جنازة في المسجد فلا أجر له» (١٣)، (١٤) ولا أثر للمعنى بمقابلة النص، وحديث عائشة دليلنا؛ لأن الناس في زمانها المهاجرون، والأنصار، وقد عابوا عليها، فدلّ أنّه كان معروفًا فيما بينهم كراهة هذا، وتأويل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنّه كان معتكفًا في ذلك الوقت فلم يمكنه أن يخرج، وأمر بالجنازة فوضعت خارج المسجد، وعندنا إذا كانت الجنازة خارج المسجد لم يكره أن يُصلّى [الناس] (١٥) عليها في المسجد. كذا في «المبسوط» (١٦).


(١) أبو جعفر البلخي، وقد سبق ترجمته (ص ٥٧).
(٢) في (ب): " الأسواق ".
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) في (ب): "وذكر ".
(٥) ينظر: رد المحتار: ٢/ ١٩٣.
(٦) أخرجه أبو داود في «سننه» (٣/ ١٨٢)، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، رقم (٣١٩٣)، وابن ماجه في «سننه» (١/ ٤٨٦)، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الجنازة في المسجد، رقم (١٥١٧)، قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن ابن ماجه: ٤/ ١٧): حسن.
(٧) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩١.
(٨) في (ب): " اختلاف ".
(٩) في (ب): " وجه ".
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) سهل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي يقال له: ابن البيضاء، والبيضاء أمه. مات في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ١٧١، التاريخ الكبير: ٤/ ١٠٣، الإصابة في تمييز الصحابة: ٣/ ٢٠٧.
(١٢) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٢/ ٦٦٨)، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد، رقم (٩٧٣)، من حديث عباد بن عبد الله بن الزبير.
(١٣) سبق تخريجه في (ص ٢٥٨).
(١٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٢٨.
(١٥) [ساقط] من (ب).
(١٦) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٢٢.