للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإذا سبى صبي مع أحد أبويه فمات لم يصلّ عليه إلا أن يقرّ بالإسلام، وهو يعقل) (١)؛ لأن الولد يتبع الأبوين [في الدين] (٢) قال - صلى الله عليه وسلم -: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودّانه، أو ينصّرانه، أو يمجسّانه حتى يُعرب عنه لسانه إما شاكر، وإمّا كفور» (٣)، أراد بالفطرة الدين الذي ران يوم الميثاق، فثبت أن الدين يثبت بطريق التبعية (٤). وقال الإمام المحبوبي -رحمه الله-: يعني في حكم الدنيا، ثم التبعية على مراتب، وأقواها تبعية الأبوين أو أحدهما، ثم الدار؛ لأن الأبوين سبب لوجوده، والدار موضعه، فالدّار مع أحد الأبوين بمنزلة الشرط مع العلة، ولهذا كانت الحضانة لهما، ثم بعد الأبوين يكون إلى أهل الدار، يعني: إذا لم يكن معه أحد أبويه يكون مسلمًا تبعًا للدار؛ لأن للدار أثرًا في الاستتباع، كما في لقيط يوجد في الدّار حيث يجعل على دين أهل الدّار، فإن قيل: لما كان لكلّ واحد منهما أثر في [تأثير الدار في] (٥) الاستتباع هلا يجعل تبعًا للدّار حتى يحكم بإسلامه ترجيحًا للإسلام كالأبوين إذا كان أحدهما مسلمًا؟.

قلنا: تأثير الدار في الاستتباع دون تأثيير الولاد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم باستتباع الأبوين دون الدار مع قيام الدّار (٦)، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٧).

ثم بعد الدار يعتبر اليد حتى لو وقع من الغنيمة صبي في سهم رجل في دار الحرب، فمات يصلّى عليه، ويجعل مسلمًا تبعًا لصاحب اليد، وإذا سُبي مع أحد أبويه لم ينقطع ببقية الأبوين، فلا يجعل مسلمًا تبعًا [للدّار، فلا يصلّى عليه إلا إذا أقرّ بالإسلام، وهو يعقل، وكذا لو أسلم أحد أبويه يجعل مسلمًا تبعًا] (٨) سواء كان صغيرًا عاقلًا، أو لم يكن عاقلًا؛ لأن الولد يتبع خير الأبوين دينًا. كذا في «الجامع الصغير» لقاضي خان (٩)، و «المحيط» (١٠) إلا أنّه ذكر في «المحيط» (١١) عند انعدام أحد الأبوين يكون تبعًا لصاحب اليد، وعند انعدام صاحب اليد يكون تبعًا للدار، وجعل الإمام قاضي خان تبعية الدار مقدّمة على تبعية صاحب اليد على ما ذكرنا (١٢).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩١.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٢/ ١٠٠)، كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، رقم (١٣٨٥). ومسلم في «صحيحه» (٤/ ٢٠٤٧)، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة، رقم (٢٦٥٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٣٩.
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٣٢.
(٧) ينظر: تبيين الحقائق: ١/ ٢٤٣، شرح فتح القدير: ٢/ ١٣٢.
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٣٣.
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٠.
(١١) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٠.
(١٢) ينظر: البحر الرائق: ٢/ ٢٠٤.