للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[١٦٣/ ب] فإن قلت: على هذا التقدير يجب أن يغسل الشّهيد أيضًا، فإنّ [يكفر] (١) تكفير الشهادة كل ذنب لا يكون أكثر تكفيرًا/ من النبوة، وهي لا تسقط الغسل فهاهنا أولى؟.

قلت: أنّ المزيد من رحمة الله لا نهاية له، فلم يجز سقوط الصلاة [عن الشهيد] (٢) لصيرورته بالشهادة من أهل الرحمة.

وأمّا الغسل فتطهير، وقد يبلغ العبد حدًّا يستغني به عن التطهير، ويجوز أن يزيد تطهير الشهادة على تطهير الغسل عن الإثم، فلمّا وجد الأعلى سقط الأدنى، وهو جائز، وإمّا لا يجوز حرمان طلب رحمة زائدة بسبب رحمة قائمة. كذا في «الأسرار» (٣).

والشهيد حي في أحكام الآخرة، كما قال الله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٤)، فأمّا في أحكام الدنيا فهو ميّت يقسم ميراثه، وتتزوّج امرأته بعد انقضاء العدة، وغيرهما، وفرضية الصلاة [عليه] (٥) من أحكام الدنيا، وكان فيها ميتًا فصلّى عليه.

وأمّا قوله: (فإسقاط خطاب الغسل) يدلّ على إسقاط الصلاة.

قلنا: إن الغسل الذي هو شرط جواز الصّلاة إنّما يخاطب به المصلّى، وهو باقٍ من الغسل، أو (٦) الوضوء في حق المصلّى، ولكن الميت هاهنا لا يصلي هو بنفسه، بل هذا الغسل غسل تطهير عن الإثم، [وتكفير] (٧) كما (٨) يغسل المحرم نفسه تطهيرًا عن الإثم من غير حدث، وقد وردت الأخبار بالوضوء لمن يريد التوبة، والشهادة طهرته، وكفّرته، فأغنته عن ذلك الغسل، فصار كسائر الموتى إذا غسّلوا، وكالمصلّي إذا حضره الوقت، وهو لم يحدث، وكان على الطهارة، فإنّه لا يخاطب بالطّهارة، ولم يدلّ ذلك على سقوط الصّلاة عنه. كذا في «المبسوطين (٩)» (١٠)، و «الأسرار» (١١).

قوله -رحمه الله-: (ويقول السيف محاء للذنوب) (١٢)، كان شيخي -رحمه الله- يقول: هذا لفظ المشايخ.

وأمّا لفظ الحديث، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «القتل في سبيل الله يكفّر كل شيء إلا الدَّيْن» (١٣) ذكره في «المصابيح» (١٤)، ولكن شمس الأئمة السرخسي أورده من لفظ الحديث في «المبسوط» (١٥)، فقال: [قال]- صلى الله عليه وسلم -: «السيف محاء للذنوب» (١٦).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) ينظر: كشف الأسرار: ٢/ ٣١٤، ٣١٥.
(٤) سورة آل عمران من الآية: (١٦٩).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) في (ب): " و".
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) مكررة في (ب).
(٩) في (ب): " المبسوط ".
(١٠) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٩٠.
(١١) ينظر: كشف الأسرار: ٢/ ٣١٤، ٣١٥.
(١٢) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(١٣) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٣/ ١٥٠٢)، كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، رقم (١٨٨٦)، من عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(١٤) ينظر: مشكاة المصابيح: ٢/ ١١٢١.
(١٥) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٨٩.
(١٦) أخرجه أحمد في «مسنده» (٤/ ١٨٥ – ١٧٦٩٣)، من حديث عتبة بن عبد السلمي. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده ضعيف.