للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فبأي شيء قتلوه لم يغسل) (١)؛ لأن شهداء أُحدٍ ما كان كلّهم قتيل السّيف.

فإن قلت: هذا مسلّم في قتيل أهل الحرب، وأمّا [في] (٢) قتيل أهل البغي، وقطّاع الطريق غير مسلّم لما أنّ أهل البغي من أهل الإسلام، وكذلك لو كان قطّاع الطريق من أهل الإسلام، فلمّا كان القاتل مسلمًا يشترط الحديدة، [أو الآلة] (٣) التي لا تلبث في ثبوت الشهادة على حسب الاختلاف حتّى أن قتيلًا لو وجد في المصر، وعلم [أن] (٤) قاتله قتله بالحديدة، أو بالآلة التي لا تلبث لا يغسل حينئذ، وإلا فيغسل على ما يجيء علم بهذا أن تعميم الآلة في قوله: (فبأيّ شيء قتلوه) إنّما يصح في قتيل أهل الحرب لا [في] (٥) حق غيره (٦).

قلت: لما كان القتال مع أهل البغي، وقطّاع الطريق مأمورًا به ألحق هذا بقتال أهل الحرب، وفي قتال أهل الحرب الحكم هكذا، وهو تعميم الآلة، فكذا في قتالهما أمّا في حق أهل البغي قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (٧)، فكان المقتول في هذه المحاربة باذلًا نفسه لابتغاء مرضات الله كالمقتول في محاربة المشركين، وتأيد ذلك بحديث علي - رضي الله عنه -، فإنّه لما قاتل أهل النهروان (٨) لم يغسل من استشهد من أصحابه (٩). (١٠).

وأمّا [في حق] (١١) قطّاع الطريق، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «قاتل دون مالك» (١٢)، وقال أيضًا: «من قتل دون ماله فهو شهيد» (١٣)، فلما كان القتيل فيهما مأمورًا بالقتال صار كالمأمور بقتال أهل الحرب في قوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (١٤)، فعمّت الآية كما عمّت هناك. هذا [حاصل] (١٥) ما ذكر في «المبسوط» (١٦).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٥.
(٧) سورة الحجرات من الآية: (٩).
(٨) النهروان: بالعراق، مدينة صغيرة من بغداد إليها مشرقًا أربعة فراسخ، ولها نهر جليل تجري فيه المراكب العظام ينبعث من جبال أرمينية ويستمد من القواطل. (معجم البلدان: ٥/ ٣٢٤).
(٩) أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (٨/ ٣٧٧ - ٨٩٢٨) مختصرًا.
(١٠) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٩٥.
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) أخرجه النسائي في «سننه» (٧/ ١١٣)، كتاب تحريم الدم، باب ما يفعل من تعرض لماله، رقم (٤٠٨١). قال الألباني في (صحيح وضعيف سنن النسائي: ٩/ ١٥٣): حسن صحيح.
(١٣) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٣/ ١٣٦)، كتاب المظالم والغصب، باب من قتل دون ماله، رقم (٢٤٨٠). ومسلم في «صحيحه» (١/ ١٢٤)، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق، رقم (١٤١)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(١٤) سورة التوبة من الآية: (٢٩).
(١٥) [ساقط] من (ب).
(١٦) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٩٢.